الرئيسية مجلة "يڨول" تحقيق وروبورتاج

أمام عجز السلطات عن رسم إستراتيجية جديدة

قطاع الصحة بتيزي وزو يلفظ أنفاسه الأخيرة


المستشفى الجامعي ندير محمد

28 أوت 2014 | 12:35
shadow

يشتكي مرضى تيزي وزو من عدة مشاكل زادت من تأزم أوضاعهم الصحية، من جراء الخدمات الصحية التي يتلقونها بمختلف المرافق الموزعة عبر إقليم الولاية، والناتجة عن غياب إستراتيجية صحية قادرة على التكفل الأمثل بالسكان.


الكاتب : روميسة ع


جميع المرافق الصحية في الولاية، تفتقر للإمكانيات المادية والبشرية، ما خلق حالات من التذمر والاستياء المستمرة وسط الطوابير اللامتناهية من المرضى الذين يلتحقون يوميا بمختلف المراكز الصحية والمستشفيات عبر اقليم الولاية.

 

مستشفى ندير محمد: أطباء لامعون قابعون في المكاتب

 

 لا تخفى على الجميع الأوضاع التي آل إليها المستشفى الجامعي نذير محمد بتيزي وزو في العشرية الأخيرة، بسبب النقص الفادح الذي تشهده مختلف المصالح الطبية، من حيث الأجهزة المسايرة للعصر والقادرة على إسعاف المرضى، ناهيك عن غياب الانسجام بين الطاقم الطبي للمستشفى والجهاز الإداري، فكثيرا ما نسمع عن أسماء أطباء لامعين في الميدان والذين يزاولون نشاطهم في مستشفى نذير محمد لتيزي وزو، إلا أنهم لا يبارحون مكاتبهم، فكل الإسعافات تقدم من طرف الأطباء المبتدئين، ما زاد من تأزم أوضاع المرضى الذين هم بحاجة لعناية طبية فائقة ولخبرة وتجربة أكبر في تشخيص الحالات المستعصية، وذلك راجع، حسب مصادر مطلعة، إلى عدم تفاهم بين المسيرين الإداريين والكفاءات الطبية للمستشفى، ما جعل المرضى يدفعون حياتهم ثمنا لهذا التهاون واللامسؤولية.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فأطباء المستشفى غير قادرين على التكفل بجميع المرضى، وذلك ما خلق خللا بين عدد الإقبال المتزايد للمرضى على المستشفى وعدد الأطباء المتوفرين، ما يزيد من تأزم وضعية المريض، خاصة بمصلحة الاستعجالات التي تشهد يوميا شجارات ومناوشات حادة تصل لدرجة الضرب بسبب الاستياء الذي يسود عائلات المرضى لما تلاحظ عدم تقديم الإسعافات الطبية في الوقت اللازم.

وما زاد الطين بلة الضغوطات الممارسة على الطاقم الطبي الذين يجدون أنفسهم يعملون وسط ظروف مهنية جد مزرية، كانعدام الأجهزة الطبية اللازمة التي تساعد على إظهار نوع المرض لدى كل مريض، كغياب جهاز سكانير، وإن وجد فليس موجها لجميع الشرائح الاجتماعية، بل تستفيد من خدمات هذا الجهاز العائلات المرموقة وذوو المال والجاه، إلى جانب جهاز ال"إيارام"، ومخبر لمختلف التحاليل الدموية إلى جانب غياب الأمن والنظافة وغيرها.

والوضع مماثل بجميع مصلحات المستشفى: طب العظام، جراحة القلب، تصفية الدم لمرضى الكلى وغيرها، ما جعل المواطنين يناشدون السلطات الوصية دعم المستشفى بجميع الأجهزة والإمكانيات ووضعها في خدمة جميع الفئات الاجتماعية، كونها الحل الوحيد لوضع حد لمعاناة المرضى في انتظار إنجاز مستشفى جديد بمنطقة وادي فالي في آفاق 2014.

 

ولا يتوقف الحل فقط عند إنجاز المرافق الصحية حسب السكان، بل لا بد من رسم إستراتيجية أو سياسية جديدة لفائدة القطاع الصحي، تتمركز حول التكفل بجميع العيادات وقاعات العلاج الموزعة عبر إقليم الولاية، لخلق التوازن، مع تدعيمها بالوسائل اللازمة، واستحداث مصالح طبية للأمراض المزمنة بالمناطق النائية لتخفيف الضغط المفروض على مستشفى نذير محمد، المستعمل من طرف المسؤولين لتبرير الإهمال والتسيب الذي يسود هذا المستشفى.

 

 مرضى بوزڤان يطلبون مركزا لتصفية الدم

 

وفي السياق ذاته، تسجل العيادة متعددة الخدمات لبوزڤان عدة نقائص مادية وبشرية، فرغم تدعيم العيادة بمصلحة الأشعة، إلا أنها تفتقر لأطباء مختصين لضمان التكفل بالمرضى، إلى جانب قاعات العلاج الموزعة على مستوى بعض القرى التي تواجه هي الأخرى نقائص تتطلب لأشغال إعادة تهيئة، مثلما هو الحال بالنسبة لقاعة العلاج بقرية آيت يخلاف وثوريرث،، ما يدفع بالسكان للتنقل إلى البلديات المجاورة لتلقي أبسط علاج.. كما تفتقر المنطقة لمركز تصفية الدم، بالرغم من الشكاوى المرفوعة لدى الجهات المعنية، والتي اكتفت بتقديم وعود لا طالما انتظر السكان تجسيدها ميدانيا، لكن بعد مرور عدة سنوات أضحت هذه الوعود مجرد أقراص مسكنة لآلام طالت آهاتها، حيث أن المرضى يضطرون إلى قطع مسافات طويلة للالتحاق بالبلديات القريبة، قصد الاستفادة من حصص التصفية، ما يتسبب في تأزم أوضاعهم الصحية، تصل لدرجة الوفاة أحيانا بسبب عدم قدرتهم تحمل المسافات الطويلة.

ويبقى بذلك مرضى بوزڤان يصارعون الموت بالرغم من وجود أوعية عقارية لاحتضان مشاريع تندرج في هذا الإطار كإنجاز مركز لتصفية الدم، المستشفى الذي يتواجد قيد الدراسة.

 

2 مليار سنتيم غير كافية لترميم عيادة تيميزار

وببلدية تيميزار، أشار مصدر محلي إلى أنها كانت تتوفر على مركز صحي حُوّل مؤخرا إلى عيادة متعددة الخدمات، غير أن المنشأة التي يعود إنجازها إلى 1970 قديمة، بالرغم من تدعيمها ببعض الأجنحة؛ كالاستعجالات ومخبر، والتي كلفت ميزانية 2 مليار سنتيم ـ لكن النقص لا يزال يسجل في الأطباء المختصين والأدوية، إلى جانب غياب عمال النظافة، فالمريض المسعف بالعيادة معرض للإصابة بأمراض أخرى بدل الشفاء من المرض الذي يشكو منه، ما جعل سكان البلدية يطالبون بإنجاز مستشفى بالمنطقة، كونها من بين أكبر بلديات الولاية من حيث الكثافة السكانية، مشيرين إلى أن المريض يضطر إلى التنقل نحو مستشفى أزفون أو تيڤزيرت أو عزازڤة لتلقي أبسط علاج.

وببلدية واسيف، وايت عيسى ميمون، معاتقة ـ تيزي غنيف، أقبيل وغيرها، فالمواطنون يتكبدون عناء التنقل للمناطق المجاورة على مسافات لا تقل عن 45 و80 كلم، متخذين طرقات تغمرها مخاطر عديدة من أجل الالتحاق بأقرب مستشفى، ما يسبب حالات وفيات على مسافة الطريق.

مديرية الصحة تبرر العجز بعدد المرافق الصحية

لا تزال مديرية القطاع الصحي بتيزي وزو متمسكة بطريقتها الراديكالية في تفسير مدى تقدم وتحسن أوضاع القطاع، كلما طلب منها إعداد تقرير من طرف الوالي أو المجلس الشعبي الولائي حول وضعية القطاع، بتقديم إحصائيات حول عدد المرافق الصحية والمستشفيات المتواجدة عبر إقليم الولاية، محاولة تبرير الفشل الذي لحق بكل مرافقها الصحية والتي يعود تاريخ إنجازها إلى العهد الاستعماري، متجاهلة ما تحتاجه هذه المرافق من إمكانيات بشرية ومادية لتقديم خدمات صحية راقية للمواطن.

وتشير إحصائيات مديرية الصحة إلى أن الولاية تضم 58 عيادة متعددة الخدمات موزعة بمختلف البلديات، كما تضم الولاية 284 قاعة علاج موزعة على مستوى عدة قرى بالولاية، إلى جانب 7 مؤسسات عمومية استشفائية تقدر سعتها الإجمالية بـ 1124 سريرا، و8 مؤسسات عمومية جوارية تغطي 67 بلدية.



مواضيع ذات صلة

التعليقات

أترك تعليقا

شكرا لك تمت إضافة تعليقك بنجاح .
تعليق