الرئيسية سياسة أحزاب

إقالات وتعيينات في أجهزة الدولة، فرز في المعارضة

الطموح الشخصي شل الحياة السياسية والموعد مع التنازلات


صورة: نيوبريس

15 سبتمبر 2014 | 13:43
shadow

تحمل حملة الإقالات والتعيينات الجديدة في الرئاسة مؤشرات وجود تفاهم بين صناع القرار في أعلى هرم السلطة. وهذا التفاهم حصل أساسا عشية الانتخابات الرئاسية ل17 أفريل الماضي.


الكاتب : محمد إيوانوغان


وما يؤكد حصول هذا التفاهم هو فشل الحملة الانتخابية لدعاة العهدة الرابعة وفوز بوتفليقة رغم ذلك بعد ظهور نتائج الصندوق. بمعنى أن العهدة الرابعة لم يحصل عليها الرئيس بدعم من يوصفون بالجناح الرئاسي، بقدرما تحقق له ذلك بقبول الجناح المعارض للعهدة الرابعة إما وضع السلاح مقابل خارطة طريق متفق عليها قبل موعد الاقتراع.

وتؤكد القراءة الإعلامية لخلفية عودة الجنرال طرطاق عبر بوابة الرئاسة، أيضا هذا الطرح. إذ تم تقديم تنحية طرطاق من الأمن الداخلي لجهاز الاستخبارات على أنها تحييد لهذا الجهاز وإبعاده من صناعة القرار السياسي، ما يعني أن عودته هي عودة المخابرات للحياة السياسية. لكن القراءة الجديدة لخلفية تنحية هذا الجنرال الذي قاد مكافحة الإرهاب لسنوات طويلة، مفادها أن مسؤوله الأول على رأس المخابرات هو من كان وراء تنحيته، وبالتالي عودته تضعف الجنرال توفيق أكثر وتضعف جهاز المخابرات معه.

وما يمكن الجزم به من خلال القراءات السياسية والإعلامية الطازجة والتي تنتهي صلاحيتها بمجرد تجاوز آجال إستهلاكها، أن ذهاب وعودة هؤلاء المسؤولين وتنقلهم بين مختلف أجهزة الدولة، لا يخضع لايغير شيئا من طريقة سير الأجهزة التي يديرونها. و النتيجة الثانية التي تكون هي الأخرى بمثابة قاعدة غير قابلة للتطور أو الزوال، هي أن هؤلاء الأشخاص سواء كانوا في الرئاسة أو الحكومة أو الجيش... يمثلون مصالح المجموعة التي ينتمون إليها.

أين وصل إذن الاستقرار السياسي على مستوى مؤسسات الدولة، في وقت مازال الاستقرار السياسي العام في البلاد بحاجة إلى إجماع وطني جديد، باتفاق كل المحللين والفاعلين في الساحة؟ بالملموس، هناك إنتقال العديد من الأطراف المحسوبة على بوتفليقة والعهدة الرابعة إلى المعارضة، مقابل تقارب بين من كانوا خصوما أثناء الحملة الانتخابية الأخيرة. ويحدث هذا بالأساس في الأفالان وتجسد أكثر بإقصاء بلخادم نهائيا من السلطة وإحالته على المعارضة.

والوضع الجديد للحارس الأمين السابق على الأفالان، سيجعله يتخلى عن حلمه بخلافة بوتفليقة، على الأقل ظرفيا، ليبحث عن حلفاء يساعدونه على العودة إلى الواجهة. وهناك بابين مفتوحين أمام بلخادم لمواصلة معركته مع عمار سعداني ومن معه، الأول هو تنسيقية الانتقال الديمقراطي. لكن التنسيقية تجاوزت مرحلة البحث عن الحلفاء والأنصار منذ أن أعلنت عن تشكيلة اللجنة المكلفة بالتشاور والمتابعة. وغاب عن هذه التشكيلة مولود حمروش ومؤيديه الذين زاروا مختلف ولايات الوطن طيلة العطلة الصيفية، في وقت فضل منشطو التنسيقية تعليق نشاطهم تقريبا، إلى بداية سبتمبر الجاري.

وإن حافظ حمروش على علاقته بالتنسيقية، شأنه في ذلك شأن سيد أحمد غزالي، فالأكيد أنه لمس الدخول القوي للمحسوبين على علي بن فليس إلى لجنتها التشاورية. ما يجعله يبحث عن بدائل أخرى لتنسيقية الانتقال الديمقراطي تحضيرا للمرحلة القادمة. ولم يتوقف الفرز الحاصل داخل المعارضة المتجمعة في ندوة مزافران في جويلية الماضي، عند حمروش وغزالي، بل رفض الأفافاس أيضا المشاركة في لجنة التشاور والمتابعة وأعلن أن ندوته حول الإجماع الوطني ستكون قبل نهاية السنة، بعدما ترك آجالها مفتوحة. ويوحي التطور في موقف الأفافاس أن الحزب الأقدم في المعارضة الجزائرية بدأت تتضح له الرؤية والشركاء السياسيين الذين يمكنه لاعتماد عليهم لإنجاح ندوته الوطنية. وبلخادم وحمروش يكونان شخصيتين كفيلتين بجلب وجوه محسوبة على السلطة، في انتظار وجوه رسمية أو حكومية قد يسمح لها بتلبية الدعوة.

الأفافاس لم يكسب الرهان بعد، لكنه الآن بحاجة ماسة للخروج من صمته الطويل لإقناع قواعده أنه صمت تكتيكي وليس مقايضة مع بوتفليقة، وكل الذين وجدوا أنفسهم خارج حسابات الحكومة الحالية وخارج المعارضة المتكتلة في التنسيقية، سيجدون أنفسهم بحاجة إلى مبادرة أخرى أو مبادرات سياسية بحثا عن لعب دور في الحياة السياسية في الآجال القريبة. وبعيدا عن حسابات كل طرف، هناك أمر واقع فرض نفسه على الجميع، مفاده أن الحكومة وعلى رأسها بوتفلييقة فشلت في تمرير دستور يعطي الانطباع بأنه دستور ينتقل بالبلاد إلى وضع جديد، كما فشلت المعارضة في تليين عود السلطة وجعلها تقبل بالتحاور معها. وفشل بلخادم في الانفراد بالأفلان وفشل غريمه في نفس المهمة رغم تخلصه من بلخادم. كما فشل علي بن فليس في الوصول إلى الرئاسة دون الأحزاب السياسية، وكذلك الشأن بالنسبة لمولود حمروش الذي لم تحقق له معرفته الجيدة بطبيعة النظام الاستجابة الشعبية ولا النخبوية الكافية حول أفكاره...

والمستفيد الأكبر في هذه الحالة هي الحياة الحزبية التي فرضت نفسها وأقنعت الجميع أن العمل السياسي يمر عبر النضال الحزبي وليس الولاء الشخصي... لكن الأحزاب القائمة حاليا بحاجة هي الأخرى إلى إعادة هيكلة وفتح المجال للأفكار والمناضلين.

 



مواضيع ذات صلة

التعليقات

أترك تعليقا

شكرا لك تمت إضافة تعليقك بنجاح .
تعليق