تمثيل الصØراء ÙÙŠ الرواية الجزائرية
"تيميمون " لرشيد بوجدرة Ùˆ"بØثا عن آمال الغبريني" لإبراهيم سعدي نموذجا
تØضر الصØراء بقوة ÙÙŠ الوعي الجمعي الجزائري، لكونها جزءا لا يتجزّأ من الهوية الجزائرية ترابيا، جغراÙيا، مناخيا، سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا، ثقاÙيا، Øضاريا، وأخيرا: أمنيا. تمثل ما نسبته 84 Ùª تقريبا من إجمالي مساØØ© الجزائر التي تَعÙدّ٠2382000 كلم2 (مليونين وثلاثمائة واثنين وثمانين أل٠كيلومتر مربّع).
الكاتب : ابراهيم صØراوي
بقلم: إبراهيم صØراوي
من هنا تتواتر ÙÙŠ الخطاب الجزائري بمختل٠أشكاله وصيغه ومجالاته ومضامينه. ÙŠÙكنّى عنها ÙÙŠ هذا الخطاب Ø£Øيانا كثيرة بموقعها الجغراÙÙŠ نسبة إلى باقي أجزاء الوطن، بعبارة: "جنوبنا الكبير أو الجنوب الكبير".
ولأنّ الخطاب الأدبي شعره ونثره هو Ø£Øد تجليات هذا الخطاب العام، Ùإنّها تأخذ منه ØيّÙزا هو وإن كان Ù…Øدودا إلاّ أنّه ذو دلالة. Ùإلى جانب Øضورها ÙÙŠ نصوص شعرية كثيرة، تتمظهر جليا أو ضÙمنيا (إن جاز التعبير) ÙÙŠ أعمال سردية تضمّ شخصيات تضطرها ظرو٠ما لأن تتواجد ÙÙŠ هذا الØيّÙز الجغراÙÙŠ: - السكن٠والانتماء٠الجغراÙÙŠ. - العمل٠(ÙÙŠ المنشآت الاقتصادية وملØقاتها المرتبطة بصناعة المØروقات، أو المؤسَّسات ÙˆØ§Ù„Ù…ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„Ø¹Ù…ÙˆÙ…ÙŠØ© الأخرى ÙÙŠ مختل٠المجالات). – المرابطة٠على الØدود دÙاعا عن الوطن أو مكاÙØةً للتهريب والتصدّي للإÙضرار بالاقتصاد الوطني. - المعتقلات٠التي هيّأتها السلطة مطلع سنة 1992 عقÙب توقي٠المسار الانتخابي Øينَها ووضعها Ùيها آلا٠أنصار الØÙزب المÙØلّ (نجد هذا الجانب ÙÙŠ الروايات والقÙصص التي تناولت الأزمة الجزائرية ÙˆØ§Ù„Ø¹Ù†Ù Ø§Ù„Ù…Ø³Ù„Ù‘ÙŽØ Ø§Ù„Ø°ÙŠ صاØبها والآثار المÙترتّÙبة عنه ممّا اصطÙÙ„ÙØ Ø¹Ù„Ù‰ تسميته رسميا بـ:المأساة الوطنية). ومÙمّا يتّصل بهذا الجانب أيضا الشخصيات التي تضطرها أو بالأØرى اضطرتها ظرو٠الوضع الأمني الذي أعقب توقي٠المسار المÙشار إليه إلى الهروب والاختÙاء عن الأعين، وهو ما تجسَّد Ùعليا ÙÙŠ النموذجين المختارين هنا. كما تØضر٠الصّØراء ÙÙŠ قصص الخيال٠العÙلمي (القليلة جدا ÙÙŠ السرد الجزائري) ومنه "البØيرة العظمى" القصّة الجميلة المÙوجَّهة للÙتيان للقاص والباØØ« والأكاديمي د. Ø£Øمد منّور.
المÙدوّنة. لأخذ Ùكرة بسيطة عن كيÙية تمثيل الساردين الجزائريين للصØراء، اخترنا نموذجين. الأول، وقد ركّزنا عليه كثيرا، هو رواية "تيميمون" لرشيد بوجدرة الصادرة سنة 1994 والمكتوبة باللغة الÙرنسية أصلا والمÙترجمة إلى اللغة العربية، ويÙØ±Ø¬Ù‘ÙŽØ Ø£Ù†Ù‘ الترجمة للمؤلّÙÙ Ù†Ùسه. والثاني، وقد مررنا به مرورا سريعا، هو رواية: "بØثا عن آمال الغبريني" لـ:إبراهيم سعدي، المكتوبة باللغة العربية والصّادرة ضمن منشورات اتØاد الكتاب الجزائريين سنة 2003.
يجدر بنا قبل النّظر ÙÙŠ مدونتنا هذه أن Ù†ÙعرّÙ٠التمثيل الذي هو عملية ذهنية تÙنظّÙÙ… Ùهْمَنا للواقع. ذلك "إن علاقتنا بالواقع متعلّقة ضرورة بمجموعة من تظاهراته الجلية (الظواهر) وبمجموعة من الأدوات ذات البعد الإدراكي المعرÙÙŠ ØªØ³Ù…Ø Ù„Ù†Ø§ بضبطه والتصرّ٠بناء عليه. والتمثيل Ù…Ùدركا على أنّه كينونة مادية أو ذهنية ÙŠÙعطي شكلا ومضمونا لكينونة Ù…Ùسلَّما بوجودها ÙÙŠ الواقع يستجيب لهذه الضرورة. تÙقوم ملاءمته بناء على قدرته على تشكيل نموذج Ùعّال للواقع الذي ÙŠÙمثÙله. من هذا المنظور يمكن أن يكون التمثيل صورة ذهنية أو مادية ويمكن أن يكون Ùرديا أو جماعيا..الخ". التمثيل إذن هو الواسطة التي نمرّ٠عبرها إلى الواقع.
1.1.  تيميمون. (النصّ الÙرنسي 126 صÙØØ© من القطع الصّغير)
1.1.1.  العنوان وإØالاته.
تÙشير الرواية٠كما يدلّ٠على ذلك عنوانها إلى إطار مكاني هو مدينة تيميمون المدينة الصØراوية الجزائرية التي تبعد عن الجزائر العاصمة بما يقارب الـ1400كلم إلى الجنوب الغربي. تسمّى بالواØØ© الØمراء. قريبة من مدينتين أخريين هما أدرار وعين صالØ. هي Ù‚Ùبلة سياØية لكثيرين من داخل الجزائر ومن خارجها. تبدأ Ø£Øداث Øاضر السّرد الروائي مع تيميمون وتنتهي معها. بمعنى أنّ الرØلة الØقيقية والدلالات الأساس للمكان إنما تبرز Ùيما بين التوجه منها إلى عمق الجنوب وأقاصيه شرقا خصوصا إلى منطقة الأهڤار وجبالها القريبة من مدينة جنوبية أخرى هي تمنراست غير البعيدة عن الØدود الشرقية للجزائر والعودة إليها ومنها إلى الشمال، إلى العاصمة. إضاÙØ© إلى ما سبق تختصر المدينة٠هنا الصØراءَ من باب الإشارة إلى الكلّ٠بالجزء.
1.1.2. الØدث وصنَّاعÙÙ‡.
1.1.2.1.  البطل / الراوي.
دليل سياØÙŠ كهل. يراÙÙ‚ منذ سنوات عديدة على متن ØاÙلته العتيقة التي اشتراها من جني٠سياØا إلى الجنوب ثلاث أو أربع مرات ÙÙŠ السّنة. كان قبل امتهان الإدلاء السياØÙŠ طيارا مقاتلا ÙÙŠ Ø³Ù„Ø§Ø Ø§Ù„Ø·ÙŠØ±Ø§Ù†. ÙÙصÙÙ„ من الخدمة وطÙرÙد من الجيش لتوجّÙهه مرة إلى بروكسيل على متن طائرة ميغ 21 دون إذن من Ø£Øد لا لشيء إلاّ للشرب ÙÙŠ Ø£Øد بارات المدينة. اعتقلته الشرطة العسكرية البلجيكية وسلّمته بطائرته المخطوÙØ© لبلده، لكن بعد أن أروى ظمأه كما يقول وأرسل لأبيه (نكاية Ùيه) بطاقة من هناك. ولم تكن تلك هي المرة الأولى (ص 22). كان مدمنا على مخالÙØ© الأوامر والقيام بمناورات ÙˆØركات خطيرة على متن طائرات الميغ والسوخوي، كما لو كان يبØØ« عن خطأ٠كخطأ٠أخيه يودي بØياته. هو شخصية Ù…Ùعقّدة. ذميم الخÙلقة كما يص٠نÙسه. لا وسامةَ ولا توازن ولا انسجام بين أجزاء بدنه ومكوّÙناته. لذلك يرÙض النَّظر إلى وجهه ÙÙŠ المرآة غير أنّه مضطر إلى ذلك طوال وجوده خل٠عجلة القيادة لكثرة المرايا العاكسة مقابله وعلى جانبي/جناØَيْ الØاÙلة. يبدو أكبر من سنّÙÙ‡ الØقيقي بعشر سنوات. سكّÙير أدمن الكØولَ، الÙودكا، شرابَه المÙÙضّل (وربّما الوØيد) قبل السادسة عشرة من عمره بقليل، أي منذ Øادثة ÙˆÙاة أخيه البÙكر، عندما أخÙÙ‚ هذا الأخ٠Ùيما كان ÙŠÙ†Ø¬Ø Ùيه دائما تØديا لأصدقائه ورÙاقه: ركوب الترامواي بعد انطلاقه. أخطأت رجلÙÙ‡ عتبة العربة مرّة Ùدهسته وانتهى تØت العجلات. ÙˆÙاة تشبه الانتØارَ ألقت بظلالها على البيت والأسرة وكانت آثارÙها وخيمة عليه هو خصوصا وعلى أمّÙÙ‡ التي تجمّدت الدموع ÙÙŠ عينيها منذ ذلك الØين. ÙŠØبّ٠المطالعة والموسيقى، Ù…ÙتÙوّÙÙ‚ ÙÙŠ الدراسة ÙˆØلّ٠المسائل الرياضية مع صديقيه كمال رايس وهنري كوهين. يعاني من مشاكل وجودية تمنعه من أن يعيشَ العالَم كما هو. يشعر دائما بالضيق وانØرا٠المزاج وسÙوئه منذ أن اكتش٠صدÙØ© ÙÙŠ الثامنة دمَ الطمث وتلقّÙيه عقوبة نتيجة ذلك. لم يعر٠من النّساء ما يعرÙÙ‡ الرجل على الرغم من إدمانه التلصّÙص على Øميميات نسوية أخرى وإطنابه ÙÙŠ وصÙها وصْÙا يثير التقزّÙز وبجرأة تتماهى مع الوقاØØ© Ø£Øيانا كما سنشير إلى ذلك ÙÙŠ Ùقرة موالية.. كان يتÙاداهنّ دائما. يسكنه خو٠غامض منهن وبرودة تجاههنّ أمام دهشة صديقيه ورÙيقي Ø·Ùولته ومراهقته ÙÙŠ مدينة قسنطينة كمال رايس واليهودي هنري كوهين السابقة الإشارة إليهما. إضاÙØ© إلى شعور بالذنب تجاههنّ وتبكيت الضمير، واعتبارهنّ جÙرØÙŽ الإنسانية. خوÙÙ‡ منهنّ هو جزء من خوÙÙ‡ المزمن منذ أن تجاوز الخامسة عشرة بقليل، أي ÙÙŠ عÙزّ المراهقة. خو٠Ùظيع Ùقد معه انتظام نبضات قلبه. لا يعر٠له سببا ÙÙŠÙعيدÙÙ‡ ÙÙŠ كلّ مرّة إلى شيء Øدث له ÙÙŠ Ø·Ùولته أو المراهقة كالعقاب الذي كان يلقاه من أبيه كلّما ارتكب خطأً ما (ص 15.)
أمام هذا الواقع وعلاقاته المتوتّÙرة مع العالَم وعدم التجانÙس معه ÙˆÙقدان القدرة على عيشه كما هو مثلما سبقت الإشارة، كان يرÙضه ويØاول إلغاءه بالهروب منه ÙÙŠ كلّ٠مرة Ù†ØÙˆ شيء ما: الكØول ÙÙŠ الخامسة عشرة، مركبات نادي الطّيران العتيقة ÙÙŠ السادسة عشرة، Ø³Ù„Ø§Ø Ø§Ù„Ø¬ÙˆÙ‘ وقيادة الطائرات المقاتلة ÙÙŠ العشرين. الØاÙلات العتيقة العابرة للصØراء ÙÙŠ الثلاثين، ثمّ امتهان عبور الصØراء وركوب مخاطÙرها. هروبٌ بØثا عن شيء غامض كأنّه الانتØار لرغبة غامضة Ùيه ورÙثها عن أخيه البÙكر المتوÙَّى، مع أنّه ÙŠÙصرّÙØ ÙÙŠ كلّ٠مرّة بجبنÙÙ‡. هروب يجد Ùيه Ù…Ùتعَة وانتشاءً خارقين كلّ مرة خصوصا ÙÙŠ الصّØراء على الرَّغم من كثرة الأوصا٠السلبية والآثار السيئة التي أعطاها لها.
1.1.2.2.  الرّÙØلة إلى الصَّØراء ومسارÙها.
الرّÙØلة إلى الصّØراء هي المرØلة الأخيرة من مراØÙ„ اللجوء/الهروب التي مرّ بها البطل/الراوي. ينطلق مسارها الذي يقطعه Ù…Ùرارا وتكرارا ثلاث أو أربع مرات ÙÙŠ السنة منذ عشر سنوات من الجزائر العاصمة إلى تيميمون مرورا بالقولية. ومن تيميمون إلى عمق الصّØراء ذهابا وإيابا كما سبقت الإشارة. تستمرّ٠أياما عديدة يقضيها مع زبائنه الخمسين على متن ØاÙلته. المسار بجباله وألوانها المÙمتعة التي تغلب على المنطقة ومناظرها الجميلة (خصوصا وأنّ المنطقة تشهد على مدار السنة Ø£Øد أجمل مناظر شروق الشمس ÙÙŠ الكون) وتنوعات تضاريسه الخلاّبة والتشكيلات البديعة لرماله وصخوره، وتØولاتها وتقلباته المناخية ليلا ونهارا، ممّا ÙŠÙميّÙز الصّØراء والمخاطر الكثيرة التي تكتنÙÙÙÙ‡ مع المتعة التي يمنØها، هو المنتَج الذي ÙŠÙروّجه بطل الرواية وراويها لزبائنه ويتواتر على طولها، كما أنّه بتØولاته المختلÙØ© الباعث على مشاعر البطل وأØاسيسه.
1.1.2.3. الØاÙلة.
تØتلّ٠ØاÙلة البطل/الراوي مكانة مهمّة ÙÙŠ الرواية. ÙإضاÙØ© إلى كونها الأداة الأساس لقطع المسار على آلا٠الكيلومترات، سمّاها بعد امتلاكها: "extravagance-شذوذ/غرابة" ("شطط" ÙÙŠ النسخة العربية). وهي شاذّة وغريبة Ùعلا. شذوذ وغرابة يصنعهما تناقضان اثنان Ùيها: Ø£- عتاقتها، Ùقد صÙÙ†Ùعتْ أواخر الأربعينيات، ومن ثمَّ عدم تجانسها مع مثيلاتها الØديثة ومع المنظر العامّ من جهة، ومع قساوة المسار الذي ينتظرها من جهة ثانية. ب- قوتها وتØدّÙيها Øيث أنّه أدخل عليها تجديدات وتعديلات عÙدة خصوصا ما تعلَّق منها بمØرّÙكها Ùأعطاه (وأعطاها) القوة الضرورية التي يتطلّبÙها قطع٠مسار طويل ومØÙو٠بمخاطر كثيرة كهذا، وصنعَ تÙوقها على الØاÙلات الØديثة (ص 17) ما ÙŠÙشكّÙÙ„ ردّا Ù…ÙÙØÙما على من يستصغرها ويÙقلّÙÙ„ من شأنها خصوصا من السائقين الذين يستصغرونها. من هنا تنشأ علاقة Øميمية بينه وبينها تعود بدايتها إلى Ù„Øظة شرائÙها من مالكها السويسري ÙÙŠ جني٠بثمن بخس٠بعد جÙهد ØÙجاجي إقناعي كبير. ØÙجاج Ù„Ùظي وسلوكي تمثّل ÙÙŠ جلسة Ø´Ùرْب امتدّت ليلة كاملة مع مالÙكها ÙÙŠ Ø£Øد مشارب/Øانات جني٠أÙرغا Ùيها زجاجتي Ùودكا وكلَّÙته مقدار ما دÙعه Ùيها. تÙعوّÙضÙÙ‡ هذه العلاقة عن غياب صديقيْ Øياته منذ الطÙولة والمراهقة ÙÙŠ مدينة قسنطينة: كمال رايس، واليهودي هنري كوهين.
1.1.2.4.  سارة (صرّاء ÙÙŠ النسخة العربية).
Øدث أثناء المسار المÙشار٠إليه تطوّر Ù…Ùهم ميَّزه هذه المرّة عن الرØلات السابقة هو وجود Ùتاة ÙÙŠ العشرين من عمرها ضÙمن زبائنه السّÙÙŠØ§Ø Ø§Ø³Ù…Ù‡Ø§ صارّة تجلس وراءه مباشرة. هذا الوجود الØاضر بقوة هو عÙلّة الرواية ÙƒÙلّÙها إذْ هو الØدث٠المÙÙسّÙر للأØداث المÙستعادة على مدار الرّÙØلة لأنّه Ù…ØرّÙÙƒ Ø£Øاسيس ومشاعر البطل/الراوي وانجذابه إلى الجÙنس الآخر إلى الأنثى. استيقاظ الإØساس بالأنثى هذا والرغبة Ùيها هو بداية تيار وعي وتداعي مشاعر وأØاسيس ارتبطت به كيَّ٠الرّÙØلة والبطل/الراوي والرواية معا Ùكان سببا ÙÙŠ عودته إلى أعماق الوÙجدان والذاكرة معا. وقع ÙÙŠ غرامها واشتهاها -وهو الذي يخا٠من النّساء ويتØاشاهن- ÙˆØ±Ø§Ø ÙŠØµÙها ما ظهر منها وما تخيَّله. هي ÙÙŠ ملامØها أقرب إلى الÙتى منها إلى الÙتاة بتكوين جسمها وطريقة تسريØØ© شعرها القصير، لخّص كلّ هذا الشّبه بالعبارة الÙرنسية المعروÙØ© : un garçon raté، وهي تÙلخّÙص صورة تستعصي ترجمتها ترجمة دقيقة إلى العربية، لكنّ معناها عموما هو البنت الÙمسترجلة مظهرا وسلوكا. Øدّثها عن Ù†Ùسه، عن ماضيه، بيدَ أنَّها كانت Ù…ÙتعجرÙÙØ© غير عابÙئة. لم تÙبد٠أيّ شيء تجاه هذا الØبّ الوليد، مع Ø¥Øساسها به. كثيرا ما يجعله هذا الØÙبّ٠ينسى بقية زبائنه، Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ø§Ù„Ø¢Ø®Ø±ÙŠÙ†ØŒ أو ينسى Ù†Ùسَه ذاتَها Ùيكاد يتيه٠عن معالÙÙ… المسار على الرغم من Ø®Ùبرته به وطرْقه Ø£Øيانا لأجزاء منه خاصّة به لا يعرÙها باقي زملاء مهنته من السائقين والأدلاء السياØيين. كما يجعله يتعمَّد التيه أو غوص الØاÙلة ÙÙŠ الرمال Ø£Øيانا. Ø§Ù‚ØªØ±Ø Ø¹Ù„ÙŠÙ‡Ø§ مرّة أن تراÙقه إلى Ø£Øد المØالّ السرية التي تÙقام بها ØÙلات تØشيش وغناء ذي طابَع Ù…ØلّÙÙŠ ÙŠÙسمّى "أهاليل" يتميّز بأجواء إيروتيكية/جنسية وثنية صوÙية دينية كما يقول (ص 71) تمتدّ٠من غروب الشمس إلى Ùجر اليوم المÙوالي، وذلك بغرض Ø¥Ùهامها بطريقة غير مباشرة وبÙرÙÙÙ‚ كي٠كانت استثنائيةً وخارقةً جلسات٠الخمر والتØشيش التي كان طرÙا Ùيها ÙÙŠ مراهقته ÙرÙضت، لكنّها Ùاجأته ليلة انتهاء الرّÙØلة عند الوصول إلى تيميمون لقضاء الليل بها قبل العودة إلى العاصمة Ø¨Ø§Ù‚ØªØ±Ø§Ø Øضور Ø¥Øدى هذه الØÙلات Ùاستجاب لرغبتها دون تردّÙد مع أنّها لم تÙÙ„ÙØÙ‘ على ذلك، هنا كانت صدمته: اÙتتنتْ سارة بشابّ أسمر من سنّÙها من العازÙين ÙÙŠ الجلسة من أهل البلد ووقعت ÙÙŠ غرامه، لم تَعدْ معه إلى الÙندق Ùاضطر إلى تعديل برنامج العودة لانتظارها والغرق ÙÙŠ الشّرب وعبّ٠الÙودكا Øتى Ùقدان الوعي كعادته كلّما أراد الهروب من معضلة تÙصادÙÙ‡ على غرار ما اشرنا إليه من هروب أمّÙÙ‡ من صداعها الأسطوري، الصّÙداع التعÙلّة بشدّ٠رأسها بغطاء/Ø®Ùمار بربري. تتضاع٠صدمته ويزداد أسÙÙ‡ عندما تعود وبصØبتها الشاب، Ùيتقبّل الأمرَ، بل أكثر من ذلك يضطرّ ØÙÙاظا على ماء وجهه (وهي Ù…Ùارقة لاÙتة) إلى قبول سÙره معهم إلى العاصمة ورÙض المقابل الذي اقترØته صارّة وهو ما ضاع٠من عذابه وآلامه وغيرته وكÙرهÙÙ‡ للشاب ÙˆØÙقده عليه طوال الرّÙØلة وهو ÙŠÙشاهد ÙÙŠ مرآته العاكسة انسجامهما ويراقب تعابير ملامØها ويؤوÙÙ„Ùها. ينتبÙÙ‡ ÙÙŠ الأخير إلى أنّها الشبيه تقريبا لصديقه كمال رايس Øين Ù…Ùراهقته: لون العينين Ø§Ù„Ù…ØªØ£Ø±Ø¬Ø Ø¨ÙŠÙ† الأزرق والبنÙسجي Ù†ÙسÙه، الأهداب٠الطويلةَ المÙقوّسة Ù†ÙسÙها، المÙشية المÙÙكّكة Ù†Ùسها، الوجه المنØوت Ù†ÙسÙÙ‡. يتساءل بÙزع٠عمّ إذا كانت الشبيه الأنثوي لصديقه لينتهي إلى التأكيد بأنّه لم تكن له ÙÙŠ مراهقته تلك النظرة الداعرة المÙخادعة المÙÙ†ØرÙØ© المÙريبةَ تÙجاهَ صديقه، على الرغم من أنّ صديقه الآخر كوهين كان يهزأ به Ù…Ùرارا لإعجابه بصديقهما المÙشترَك إلاّ أنّه إعجابٌ عادي كما يقول مع اعتراÙÙ‡ بأنّه كان يجدÙÙ‡ جميلا جذّابا ويعر٠الطّÙرÙÙ‚ السبعَ والعشرين Ù„Øلّ٠معادلة رياضية ÙÙŠ وقت قياسي ويØÙظ رباعيات الخيام عن ظهر قلب. هل هي عودة ÙÙŠ الزمن؟ Ù…Ùراهقة متأخّÙرة؟ اختÙتْ بعد هذا الاعترا٠المÙثير نظرتÙÙ‡ المÙدقّÙقة ÙÙŠ صارّة. وانقلب هيامÙÙ‡ إلى ÙƒÙره٠لها. أصبØت نظرتÙÙ‡ إليها عادية Ù…ÙباشÙرة صريØØ© ÙˆØدث له تØوّÙÙ„ÙŒ جوهري: Ø£Øسّ معه بنÙسه شخصا آخر. أمّا هي Ùقد Ø´ØÙب وجهÙها وأصبØت Ùجأة قبيØØ© ÙÙŠ نظره وميّÙتة بالنسبة له.
1.1.2.4. عائلة الراوي البطل
لبعض Ø£Ùراد عائلة الراوي البطل Øضور قوي ÙÙŠ الرواية أثّر كلّ٠Ùرد منها خصوصا الأب والأم والأخ البÙكر٠المÙتوÙÙ‘ÙŽÙ‰ بنسبة Ù…Ùعيّنة على Ø£Øداثها ما تعلَّق منها بالبطل/الراوي خاصّة.
1.1.2.4.1. الوالدان.
تواتر Ø°Ùكر والدَيْ البطل/الراوي ÙÙŠ النصّ وكان لكلّ٠منهما دورٌ ÙÙŠ تكوين شخصيته ÙˆÙيما لاقاه ÙˆØلَّ به Ùيما بعد.
كانَ أبوه دائمَ الغياب. بل هو التجسيد الØيّ٠للغياب ماديا ومعنويا. لا مبالÙ. مهمÙÙ„ لواجباته الزوجية والأبوية. لا ينقطع عن التجوال واكتشا٠العالم. يبعث من كلّ مدينة ÙŠØلّ بها بطاقة بريدية لا تØمل سوى اسم المدينة وتاريخ الإرسال وتوقيعه دون أية شارة أخرى أو كلمة قد توØÙŠ بإØساس ما أو شوق أو Øنين أو Øنان أو أي شيء ممّا تØمله هذه المراسلات عادة (ص 107). ÙŠÙرسÙلها Ùقط لتأكيد وجوده الرّمزي. لهذا تمرَّد عليه ÙÙŠ ما ÙŠÙشبه العقوقَ وانتقم لنÙسه منه برÙض الطريق الذي رسمه له، أي دراسة الهندسة الصناعية الغذائية لاستلام Ø£Øد Ùروع إمبراطوريته الصناعية الغذائية التجارية الكبرى ومٌراقبة والدته لدى بلوغه الثامنة عشرة من عمره، أيْ عÙند بلوغه سنَّ الرّÙشد القانوني، واختار الالتØاق بمدرسة الطيران. Ùتبرَّأ منه ÙˆØرمه من الميراث.
أمّه على الرّغم من ØÙبّÙÙ‡ لها ورثائه Ù„Øالها (وقَدَرÙها) كانت غائبة هي أيضا (ص 22) كما لو أنّها Ù…Ùغتمّة لمناورات زوجها ÙÙŠ تغطية غيابه المتواصÙÙ„. كانت طوال Øياتها واهÙمة صامتة لا تتغير، ما جعلها تعاني هي أيضا من (توهّÙÙ…) صÙداع Ù…Ùزمن ينتابÙها كلّما واجهت ما يستعصي على الØلّ، صداع تØاربه بشدّ٠رأسها بخمار بربري Ù…Ùرصَّع بقطع ذهبية ÙˆÙÙضية Øقيقية صغيرة ورثته عن أمّÙها وستورّÙثه من دو شكّ٠إØدى بناتها. لا تØمل نظرتÙها سوى أشياء قليلة أهمّها الشعور بالاØتجاز وعلامات الزمن الذي جمّده زوجها دائمَ الغياب. غيابٌ يذهب بالعاطÙØ© الزوجية ولوازمها ويØيل وجودَها ÙÙŠ البيت إلى ضرورة اجتماعية يستدعيها تØقيق أغراض٠عÙدّة: الوجاهة، الإنجاب، ملء البيت والإشرا٠على القيام بأعبائه.. الخ.
1.1.2.4.2. الشقيق البÙكر٠المÙتوÙÙ‘ÙŽÙ‰
توÙÙŠ هذا الشقيق البÙكر ÙÙŠ العشرين من عمره عندما أخÙÙ‚ ÙÙŠ Ø£Øد تØدياته المÙÙضّلة ورهاناته مع رÙاقه: القÙز إلى عربة الترامواي عند انطلاقه. خلَّ٠هذا الموت٠التراجيدي٠ندوبا كبيرة ÙÙŠ Ù†Ùسية البطل/الراوي راÙÙضا اختزالَه ÙÙŠ Øادث عرضي، الØقيقة التي كيَّÙها والدÙÙ‡ تØت ضغْط السّلطات الدينية التي رÙضتْ رÙْضا باتّا Ùرضيةَ الانتØار، بل Øتّى Ù…Ùجرّد تصوّÙرÙها. كان هذا الشقيق مثله يخا٠كثيرا من الØياة وربّما يكون هو الذي أوْرثه هذا الخوÙ. كان طالبا Ù…ÙتÙوّÙقا ÙÙŠ Ø¥Øدى المدارس العليا. كان ÙŠÙØبّ٠الموسيقى: الأغاني القديمة منها خصوصا. كان ÙÙŠ سÙنّ٠العÙشرين غير قادÙر على Ùعل شيء بما ÙÙŠ ذلك الانتØار ومع ذلك كان يقضي أيامَه باØثا عن الموْت Ù…ÙتØدّÙيا له شامّا رائØتَه عن قرب مثلما كان يردّÙد.
1.1.2.4.5. صديقا البطل/الراوي
لعÙب صديقا البطل/الراوي اللصيقين كريم رايس -الذي كان رائع الجمال (Øسبه) طويل القامة أنيق الهندام، ÙØلا، أي نقيضÙÙ‡ تماما وعبقري ÙÙŠ Øلّ٠المعادلات من الصّÙن٠الثالث ويØÙظ رباعيات عمر الخيام- وهنري كوهين دورا كبيرا ÙÙŠ توجيه Øياته والتأثير عليها Ùقد كان يقضي معهما منذ الطÙولة ومن بعدها المÙراهقة ÙÙŠ قسنطينة وقتا طويلا. كما اØتÙظ بهذه الصّداقة بعد ابتعاده عنها لكنّه لم يقطع الاتصال بهما. كانت اهتمامات الثلاثة وأذواقهم متقاربة، لا يشذّ٠عنهما إلاّ ÙÙŠ النÙور من النساء ودمامته نسبة إليهما. بدأ بصØبتهما Øياة الانØرا٠ومÙخالÙØ© أوامÙر الدين: شرب الخمر/الÙودكا والتØشيش وارتياد دور اللهو وأماكن بيع المÙتعة (المواخير) ÙÙŠ السادسة عشرة من عÙمره.