رØيل باØØ« المستقبليات المغربي المهدي المنجرة..
رØيل رجل الاختلاÙ
هو هرم معرÙÙŠ ÙˆÙكري كبير، ما ÙÙŠ ذلك شك. وكل من اØتك به، مثلما سعدت بذلك منذ نهاية الثمانينيات، يدرك أنه أمام طاقة Ùعل غير معهودة.
الكاتب : كاتب صØÙÙŠ من المغرب
وهي الطاقة التي يجعلك الوقو٠على تÙاصيلها، مع تواتر الأيام والسنوات، تستشعر أنك أمام "مؤسسة قائمة الذات"ØŒ بالشكل الذي جعل الكثيرين لم يستسيغوا ÙÙŠ الرجل صرامته ÙÙŠ الكثير من علاقاته العمومية، معتقدين أنه Øين كان يصرّ على القول دوما: "أنا المهدي المنجرة"ØŒ أن ÙÙŠ ذلك تعاليا غير مقبول من عالم كبير مثله. بينما، الØقيقة، أن الرجل لم يكن يقبل أن يهدر وقته ÙÙŠ ما يعتبره "خروجا عن جادة العلم الدقيق"ØŒ هو الذي شغل الدنيا والناس على مدى عمر كامل بأطروØته Øول "علم المستقبليات" الذي هو علم توقعي، دقيق بØساباته، عميق بدراساته الاقتصادية وأرقامه المرتبطة بسؤال التنمية. Ùمع المنجرة، ØªØµØ¨Ø Ù†ØªØ§Ø¦Ø¬ الألعاب الأولمبية، مثلا، Ù…ÙتاØا لإدراك أعطاب التنمية والتقدم ÙÙŠ بلاد العرب.
إن المÙكر المغربي، المهدي المنجرة، الذي غادر دنيا الأØياء الجمعة الماضية، هو الذي جعله القدر يتوÙÙ‰ ÙÙŠ ذات رقم يوم مولده (13)ØŒ كونه ولد يوم 13 مارس 1933ØŒ وتوÙÙŠ يوم 13 يونيو 2014ØŒ هو قصة مغربية Ùريدة، ضمن المشهد الÙكري والثقاÙÙŠ والاقتصادي المغربي، لعل أكبر عناوينها هو "الاختلاÙ". الاختلا٠الذي يقود Ùعليا إلى التميز، ما يجعل الواØد منا يجزم، أن تكرار نموذجه شبه مستØيل مغربيا ومغاربيا وعربيا. الاختلا٠الذي يجعل منه، ضمن النخبة المغربية الأولى لما بعد الاستقلال سنة 1956ØŒ من المغاربة القلائل الذين كان تكوينهم باللغة الإنجليزية، ÙˆÙÙŠ جامعات أمريكية وبريطانية (يشبهه ÙÙŠ هذا الباب المÙكر والباØØ« السوسيولوجي المغربي الذي توÙÙŠ منذ أسابيع قليلة Ù…Øمد جسوس)ØŒ وأنه لم يكن منخرطا ضمن منظومة التكوين الÙرنسي الموروثة عن الاستعمار الÙرنسي. وهنا يكمن بعض من خصومته الدائمة مع النخبة الØاكمة ÙÙŠ المغرب التي غالبيتها الكبرى خرّيجة تلك المدرسة التكوينية الÙرنسية، أي أن تكوينه الأنغلوساكسوني قد جعل منه باØثا مختلÙا على مستوى أدوات اشتغاله، وكذا على مستوى طروØاته الاقتصادية والسوسيولوجية وعلى مستوى العلوم السياسية.
الاختلاÙØŒ أيضا، ÙÙŠ أصوله الاجتماعية، Ùهو مثله مثل المهدي بن بركة  من أبناء مدينة الرباط الذين برزوا كقادة Ùكر، وليس Ùقط كقادة سياسيين (لأن للمهدي المنجرة سيرة ممتدة من الÙعل الجمعوي ÙÙŠ مجال Øقوق الإنسان. Ùهو أول من Ø§Ù‚ØªØ±Ø Ø±Ø¦ÙŠØ³Ø§ للمنظمة المغربية Ù„Øقوق الإنسان التي نزل الملك الراØÙ„ الØسن الثاني بكل ثقله كي يمنع ذلك ÙÙŠ نهاية الثمانينيات من القرن الماضي). وأنه ليس من النخبة المغربية التي برزت ÙÙŠ Ùاس أو مراكش، أو الدار البيضاء بعد الØرب العالمية الثانية. وأنه ضمن أصوله الاجتماعية تلك، يستمد قوة رمزية أخرى، من أصول عائلته التي تنØدر من السلالة الملكية التي Øكمت المغرب بين سنوات 1554 Ùˆ1659ØŒ أي الشرÙاء السعديون، المنØدرون من إقليم درعة بالجنوب المغربي، جنوب الأطلس الكبير، وأنهم شرÙاء ينتسبون إلى القاسم بن النÙس الزكية. وأن ذلك Ø³Ù…Ø Ù„Ù‡ أن ÙŠÙØªØ Ø¹ÙŠÙ†ÙŠÙ‡ØŒ تربويا، ÙÙŠ Ùضاء عائلي من العلماء والÙقهاء والوطنيين، ما جعل أثر والده عليه كبيرا، لأنه هو الذي وجهه صوب الدراسة بالولايات المتØدة الأمريكية (جامعة كورنل بولاية نيويورك سنة 1953)ØŒ بل أكثر من ذلك، Ùإن والده يعتبر من أول من أسس ناديا لتعلم الطيران بالعالم العربي سنة 1924ØŒ كما كان يصرّ دوما على تذكيري بذلك، خاصة Øين كتبت عن مؤل٠لمؤرخ المملكة المغربية الØالي، الأستاذ عبد الØÙ‚ المريني، هو سيرة الشهيدة المغربية ثريا الشاوي، أول ربانة طائرة مدنية ÙÙŠ العالم العربي والإسلامي وإÙريقيا، التي اغتيلت سنة 1955 بالدار البيضاء.
الاختلاÙØŒ ÙÙŠ مجالات بØثه العلمية، Øيث إنه سعى دوما إلى أن ينØت لصوته تمايزا، ضمن كوكبة وازنة من الأسماء الÙاعلة ضمن تلك النخبة المغربية غير المسبوقة التي صنعتها صدمة الاستعمارين الÙرنسي والإسباني للمغرب، ÙÙŠ سنوات 1950 Ùˆ1970. Ùهو لم يسع قط إلى تØمّل مسؤوليات ÙÙŠ الدولة، رغم أنها عرضت عليه مرارا، كونه كان زميل دراسة للملك الراØÙ„ الØسن الثاني، وواØدا من معارضيه أيضا. ولم تتجاوز Ùترة مسؤولياته ضمن مناصب الدولة المغربية الØديثة العهد بالاستقلال، منصب مدير الإذاعة الوطنية، بقرار تعيين مباشر من الملك الوطني الراØÙ„ Ù…Øمد الخامس، وهي الÙترة التي وضع Ùيها الأسس لجعل الإذاعة وسيلة إعلام عمومية ÙÙŠ خدمة المغاربة المجتمع وليس الدولة، ما جلب عليه الكثير من الØروب الصغيرة التي انتهت بتقديمه استقالته من ذلك المنصب ومغادرة المغرب، لتØمّل مسؤوليات دولية وازنة منذ 1962ØŒ Øين عيّنه المدير العام لليونيسكو Øينها، "روني ماهو"ØŒ مديرا لديوانه الخاص. لهذا السبب نجده يذهب صوب مبØØ« علمي مختل٠منذ بداية الستينيات، هو مبØØ« المستقبليات الذي هو مزاوجة بين علم الاقتصاد وعلم الاجتماع، ما جعله ÙŠÙ†Ø¬Ø Ø±Ùقة عدد Ù…Øدود من كبار الباØثين العالميين، ÙÙŠ تأسيس "الاتØاد العالمي للدراسات المستقبلية" وينتخب أول رئيس له ما بين 1977 Ùˆ1981.
الاختلاÙØŒ ÙÙŠ مساره التكويني، Øيث درس أولا البيولوجيا والكيمياء بأمريكا، قبل أن يغيّر دراساته العليا ويهيئ أطروØØ© الدكتوراه بجامعة لندن للاقتصاد وعلم الاجتماع، ÙÙŠ مجال علمي آخر هو مجال العلوم السياسية Øول موضوع "الجامعة العربية، البنية والتØديات". وأذكر أنني سألته مرة بمقر يومية "الاتØاد الاشتراكي" المغربية التي زارها أكثر من مرة ÙÙŠ أواسط التسعينيات، قبل أن تنقطع علاقته بالصØاÙØ© المغربية عموما، عن ذلك التعدد ÙÙŠ مرجعياته الأكاديمية، وعن الخيط الناظم بينها، Ùكان جوابه بليغا: "Ù†ØÙ† جيل كان قدرنا أن نكون موسوعيين، لأنه كان علينا تمثل كل العلوم، من أجل Ø±Ø¨Ø Ø§Ù„Ø²Ù…Ù† الضائع ÙÙŠ التخلÙ". ورغم مزاجه الصعب قليلا، لأنه لم يكن يتقبل دوما الاستسهال ÙÙŠ المواق٠وÙÙŠ السعي الأكاديمي لاكتساب المعارÙØŒ ولا أنصا٠الØلول، Ùإنه رجل ÙŠÙرض عليك الاØترام بشدّة اتساق بنيته المعرÙية التØليلية، وبقوة Øججه الأكاديمية. وليس مستغربا أنه لقي الاعترا٠خارج المغرب بقيمته وكÙاءته أكثر من الذي Øازه ÙÙŠ بلده المغرب أو بالعالم العربي. لقد اختير للتدريس ÙÙŠ كبريات الجامعات الدولية (Ùرنسا، إنجلترا، هولندا، إيطاليا واليابان)ØŒ مثلما أنه Ù…Ù†Ø Ø¬Ø§Ø¦Ø²Ø© إمبراطور اليابان بÙضل بØوثه التي ظلت تنظر إلى التجربة الØضارية اليابانية كتجربة رائدة ÙÙŠ Ø§Ù„ØªØµØ§Ù„Ø Ù…Ø¹ الØداثة من داخل الخصوصية الØضارية وعبر اللسان المØلي. من هنا تلك المعارك الØامية الوطيس التي دخلها من أجل اللغة العربية ÙˆØمايتها وتطويرها، وكذا معاركه من أجل تجنب مخاطر ما أسماه "صراع الØضارات" (الباØØ« الأمريكي هنتنغتون، صاØب نظرية "صراع الØضارات" يعتر٠ÙÙŠ كتابه أن أول من ابتكر ذلك Ø§Ù„Ù…ØµØ·Ù„Ø Ù‡Ùˆ المÙكر المغربي المهدي المنجرة).
الاختلاÙØŒ أخيرا، ÙÙŠ أنه بقي على مساÙØ© نقدية من كل النخبة المغربية، سياسية وثقاÙية ÙˆÙكرية، وأن كتبه الرائدة كانت ترجمانا لذلك، هي التي Øققت أرقام مبيعات غير مسبوقة مغربيا ÙˆÙرنسيا، خاصة كتابه "الØرب الØضارية الأولى" Øول Øرب الخليج ضد العراق التي قادها جورج بوش الأب. وكذا كتابه الجدالي الأطروØØ© "الإهانة ÙÙŠ عهد الميغا إمبريالية"ØŒ وكتابه الصادر ضمن سلسلة كتب الجيب المغربية (شراع) Øول "Øوار التواصل" الذي صدرت منه عشر طبعات، وتجاوزت مبيعاته الخمسين أل٠نسخة. وأنه ضمن Øرصه على تسجيل اختلاÙية صوته، أنشأ جائزة سنوية من مداخيل كتبه، أطلق عليها اسم "جائزة التواصل شمال جنوب" التي كان يمنØها دوما لاسمين من مبدعي المغرب والعالم ÙÙŠ مجالات الÙنون والكاريكاتور والسخرية والÙكر النقدي، Øيث منØت لكل من وزير العدل الأمريكي رامزي كلارك والÙنان العراقي منير بشير، وكذا الÙنان المغربي الساخر Ø£Øمد السنوسي ÙˆÙنان الكاريكاتير المغربي العربي الصبان، وأيضا للمسرØÙŠ المغربي الطيب الصديقي والمسرØÙŠ البوسني إبراهيم سابهيك، ÙˆÙÙŠ سنة 2000 منØت لأول Ø·Ùلة مغربية ولدت ÙÙŠ القرن 21 هي آمال بوجمعة، وأيضا للياباني Ùوجيوارا عن أعماله العلمية الدقيقة Ù„ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„Ø¨ÙŠØ¦Ø©. وأنه ظل صوتا عاليا مناهضا للتطبيع مع الكيان الصهيوني، ومØاورا منذ أواسط التسعينيات للØركات الأصولية من موقعه النقدي العلمي المختلÙ.
بهذا المعنى، Ùإنه برØيله، ÙŠÙقد المغرب والعالم العربي والإسلامي Ù…Ùكر الاختلا٠بامتياز. لكنه الاختلا٠الذي يتأسس على التنبؤ بالمستقبل من موقع الØقيقة العلمية، وبذلك Ù†Ø¬Ø ÙÙŠ أن ÙŠÙرض اسمه كصوت علمي متمايز، لا نظائر له ÙÙŠ كل خريطة العرب.