الرئيسية ثقافة تاريخ

كتاب حققته المستشرقة الإيطالية لورا فيسييا فاڤلييري

الفاتيكان لم يكن محايدا أثناء غزو الجزائر


18 جوان 2014 | 10:48
shadow

لأول مرة، يكشف كتاب جديد صدر عن منشورات "عالم الأفكار" بالجزائر، الدور السلبي، وغير المعروف، الذي لعبه الفاتيكان في احتلال الجزائر. ويتناول الكتاب الصادر بعنوان "أرشيف الفاتيكان بخصوص غزو الجزائر"، الذي حققته المستشرقة الإيطالية لورا فيسييا فاڤلييري، مسألة الدعم الذي قدمه الفاتيكان لفرنسا أثناء عملية الغزو. ولم تتوقف تلك المساعدات عند الدعم المعنوي والرمزي كما كان يشاع، بل تجاوزته إلى الدعم العسكري، بحيث أرسل الفاتيكان أكثر من مائتي جندي ينتمون لتنظيم سان جان لأوراشليم المقدس، والذي يعرف بفظاعته وعنه الشديد، لتدعيم الحملة الفرنسية.


الكاتب : ياسين مراد


ساد اعتقاد لدى الباحثين الفرنسيين، وراج ذلك في أدبياتهم بشكل كبير، في أن فرنسا أقدمت على غزو الجزائر لأسباب متعلقة بمسألة المروحة، أي كعقاب فرضه شارل العاشر على الداي حسين الذي يقال إنه أهان السفير الفرنسي دوفال، لكن الحقيقة غير ذلك تماما، ونعثر في هذا الكتاب على نصوص كثيرة تؤكد أن مسألة غزو الجزائر من قبل فرنسا كانت بدعم من الفاتيكان، الذي اعتبر العملية كحرب صليبية تحقق هيمنة الكنيسة على البحر المتوسط، وتقضي على ما كانت تعتبره شوكة "الأوكار البربرية" على العالم المسيحي المستنير في المتوسط.

ويطرح الكتاب الذي قدم له إيمانويل باتاي السؤال التالي: ما هي الأسباب التي أدت إلى الحملة على الجزائر المحروسة، ضمن حملة مكلفة من حيث الأرواح والأموال والتي كان يبدو أنها كانت بمثابة حمل ثقيل على ملك الفرنسيين؟

إن الصفحات التي يحتويها هذا الكتاب، هدفها النهائي هو تقديم الحقيقة بخصوص أسباب الحملة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، وذلك وفق طرح خال من أي تصورات مسبقة. يعثر القارئ على نصوص مأخوذة من الأرشيف السري للفاتيكان، والذي درسته بدقة لورا فيشيا فاڤلييري (1893 - 1983). ويسعى لكشف الحقيقة بشأن محور أساسي في تاريخ الجزائر. وعليه فإن الكتاب بإمكانه أن يحقق التوافق بخصوص دوافع الحملة الاستعمارية الفرنسية على الجزائر وفق نظرة مغايرة، وتصور مختلف. ويعتبر هذا الكتاب أكثر من مرجع علمي، فهو مرافعة من أجل الحقيقة، بفضل الدور الكبير الذي لعبه المستشرقون الإيطاليون خلال القرن العشرين.

ولنطرح بالتالي هذا الإشكال: لماذا أقدم شارل العاشر على غزو الجزائر؟ هل يعود ذلك لنظرة شاملة، أم لغرض اقتصادي، أو لسبب أكثر غرابة يتعلق بحرب صليبية حقيقية؟

نشر هذا الكتاب اليوم بإمكانه أن يميط اللثام عن الحقيقة بشأن موضوع شائك في الذاكرة الفرنسية وفي انعكاسه على الجزائر. ولم يخطئ الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي لما قال بخصوص هذا الكتاب: "تعد السيدة لورا فيسييا فاڤلييري، أكبر مستشرقة إيطالية، ويعد كتابها هذا بمثابة كتاب جميل".

في القرن التاسع عشر، كان الاستعمار يسعى لأن يكون بمثابة ظاهرة شاملة. فقد تسابقت الأمم الكبرى فيما بينها لغزو شعوب في آسيا وإفريقيا. وعقب بضع عشريات، تم إخضاع نسبة كبيرة من العالم لهذه الأمم الكبرى. وهكذا برزت الإمبراطوريات.

لقد تم غزو الجزائر فقط من أجل الاستيلاء على كنز الجزائر المحروسة في جويلية 1830، وفق ما جاء في أطروحة الصحفي الشهير بيار بيون في كتابه الذي جاء على شكل تحقيق. وماذا لو جرى الغزو فقط من أجل فرض السيطرة على الكنوز الكبيرة للمحروسة بغرض تكوين أرصدة سرية لشارل العاشر لكي يتمكن من تقديم رشاوى، وقلب الجسد الانتخابي بفرنسا. هذا السؤال يشكل محور التحقيق ويقوض أسطورة "حادثة المروحة" التي تلقاها القنصل الفرنسي بيار دوفال بالجزائر الإيالة من قبل حسين باشا داي الجزائر يوم 30 أفريل 1827. وإضافة إلى كل هذا الاعتقاد التقليدي والذي يعتبر من كلاسيكيات الطرح بخصوص الحملة، يضيف كتاب "الأرشيف السري" للفاتيكان قضية جديدة، لم يتحدث عنها المؤرخون، بسبب غياب الوثائق، ويتعلق الأمر بمسألة الحرب الصليبية على الجزائر.



مواضيع ذات صلة

التعليقات

أترك تعليقا

شكرا لك تمت إضافة تعليقك بنجاح .
تعليق