الرئيسية التعليق الدستور 'الصخري'


في كلمات

عبد الحكيم بلبطي

الدستور 'الصخري'


  عبد الحكيم بلبطي     hakimbelbati@yahoo.fr

مقالات سابقة للكاتب

- و كان الرئيس آخر من يعلم
- تطهير الإعلام من خصوم العهدة الرابعة
- في خدمة الرئيس السعيد عبد العزيز

الواحد بعد الآخر ينسلون. يريدون التغيير، لكن ليس بورقة طريق الرئيس بوتفليقة. أحزاب، وجمعيات، وشخصيات وطنية تعلن عن قرارها بعدم تلبية دعوة الرئيس لبحث مشروع دستور السلطة. يقاطعون المبادرة، ولكل منهم مبرراته وأسبابه.

سيقاطع الجزء المهم عملية نقاش الدستور. وسيكتفي ممثل الرئيس بتمثيل دور أقل من الوسيط، لأن من كان يفترض منهم تقديم اقتراحات مختلفة، هم منشغلون بصياغة مواقف واقتراحات، في مكان بعيد سياسيا عن الرئاسة.

الشيء الأكيد، أن الدستور القادم سيكون دستورا للسلطة فقط. وسيكون دستورا غير توافقي. سيكون دستورا لمرحلة انتقالية أخرى، لا عنوان لها. طعمها تشكله توابل صادرات المحروقات. مرحلة أقدارها موزعة بين موانئ تفريغ حمولات النفط والغاز، وبين حرارة البورصات وأسواق المال العالمية. فلا حول ولا قوة لنا في ما يجري هناك، أو هنالك.

الاستقرار الذي يشغل بال أصحاب المبادرة الدستورية، لا يحمل مواصفات التوافق، ولا الشراكة ولا المشاركة. بل تعتمد مواصفاته على مستوى مداخيل ما يتم تصديره. فإذا زاد المدخول، زادت هوامش الحركة والمناورة. وإذا تراجع في المستقبل ستضيق الحلقة.

ميزة النظام أنه لا يحب التعقيد. فالحقوق يتم وزنها بحسب نسبة الفوائد. وعلى قدر بساطته، هو يدرك مخاطر هذه العلاقة التي تجعله رهينة ما تضمه الخزينة. وقد نبهت الأزمة المالية الدولية أكثر من نظام، شبيه الديمقراطية، إلى مسألة مفادها أن قيمة الثروة لا تحسب بما يدخل ويخرج صناعة وتجارة. إنما هي تحت رحمة مضارب. ويعرفون بأن الطريق الوحيدة التي تخلصهم من حبل المضاربين، هو بالنمو في خبرات المواطن، وبالنمو الصناعي والزراعي. ولأن هذه أمور تتطلب الجدية والتمكن وجهدا بعد تخطيط، يبدو أن تعديل الدستور بشكله وإطاره، يستخدم كبديل، الهدف منه شغل النقاش بدل تركيز السؤال حول "ما العمل؟".

يحمل المشروع أكثر من عنوان حول الديمقراطية والحريات والتداول الديمقراطي على الحكم. وفي اليد الثانية، لا يحمل غصن زيتون. هو يحمل أرقام الغاز الصخري، وتوقعات النفط الصخري. يد تريد الاستثمار في فلق الصخر وليس في تفجير الطاقات البشرية.

سيكون الدستور القادم دستورا للسلطة. وسيكون دستورا غير توافقي. سيكون "دستورا صخريا"، يشارك فيه من تخلف عن مسيرة تشييد دستور الدولة والمجتمع.

فهل يمكن توقع تراجع الرئيس عن مشروعه؟ وتوقع مبادرة تتجه نحو البحث عن توافق وطني؟

لا يوجد مستحيل في عالم السياسة. ومع ذلك من الصعب جدا توقع حدوث ذلك. فمشروع العهدة الرابعة تم بناؤه على الترويع وعلى التخويف.