الرئيسية التعليق Ùˆ كان الرئيس آخر من يعلم


هذا الأسبوع

عبد الحكيم بلبطي

و كان الرئيس آخر من يعلم


  عبد الحكيم بلبطي     hakimbelbati@yahoo.fr

مقالات سابقة للكاتب

- في خدمة الرئيس السعيد عبد العزيز
- فتنة غرداية، هي التحذير من الانزلاق
- الدستور للسلطة أم للمجتمع؟

 

أن نفاجأ بخروج عناصر من وحدات التدخل في مسيرات مطلبية هو أمرا ليس فيه من الغرابة شيئا. فالجزائريون فمن الممكن تفسير ذلك بتطور حالة غليان بين عناصر الأمن نتيجة لاستخدامهم المفرط من قبل السلطة في منع مسيرات يضمنها الدستور. و أيضا لضبط الشارع على إيقاعات معينة، لا تهدد خلوة الحكام في عزلتهم. فهم يسيرون البلد عن بعد، و بأوامر الصرف، لضمان استمرار تدفق الاستيراد.

 لكن ما هو عجيب، ألا يكون وزير الداخلية على علم بما يجري داخل دائرته. و ألا يكون مدير الأمن على علم بأن رأسه هي على رأس مطالب المحتجين.

فأين كان الوزير الأول، و أين الرئيس و أدواتهما التي تبلغهما بكل تفصيل له علاقة بالأمن القومي؟

العبرة التي لا يمكن تجاوزها، هو أن منع قطاع ما من النشاط في العلن، و بشكل قانوني(في اطار نقابة مثلا) يدفع و يشجع على النشاط في السرية. لو كانت هناك نقابة للشرطة لأمكن قياس حجم الاختلالات و النقائص. و لما تفاجأت السلطات السياسية و الأمنية بالحدث. لقد خلفت عملية تيڤونترين ارتدادات كانت لها انعكاسات على كيفية التكفل بسياسة الأمن القومي. فالعمل الإرهابي يتطور، و يتكيف بسرعة ما تملكه الجماعات من وسائل تكنولوجية و مالية. و كانت من نتائج تلك العملية قرار إعادة تنظيم العمل الاستخباراتي. لكن  جاء خروج عناصر وحدات التدخل في مسيرات، وصلت بهم الى قصر الرئاسة، لتذكر السياسي و الأمني بأن الدرع الواقي غير كافي. و به ثغرات لم تمكنه من تحسس أمرا كان يجري بين أضلعه النظام.

فماذا لو كان الغضب مبرمجا لتنفيذ أمرا غير عاديا؟

يبدو أن جماعة الرئيس لم يعد يهمها ما يجري في البلد، ما لم يصل الى حدود المطالبة بانتخابات رئاسية مسبقة. فهي تعتمد على عصا الأمن لضبط الشارع.  وقد تخدمها تلك الأشكال من المواجهات بين الأحياء، لأنها تساهم في توزيع الرعب بين الأحياء الشعبية. فلا يوجد أفضل من الرعب لتخدير تفكير و إرادة المواطن. فالخوف من العنف يديم عمر نظام يتهم كل من يقول له "لا" بأنه عميلا، أو هو بيدقا بين أيدي خارجيةلا تريد الخير للجزائر، و تعمل على ضرب سيادتها ووحدتها.

و لنا أمثلة من التاريخ القريب..فكم من شريف مات بتهمة الخيانة؟

 

كان الهامل آخر من يعلم بأن رأسه مطلوبة.

و كان الوزير بلعيز آخر من يعلم بأن جزء من قطاعه تجاوز مرحلة الغليان، ووصل مرحلة الانفجار.

كان الوزير الأول آخر من يعلم بأن الغضب قادما الى مكتبه.

كان الرئيس آخر من يعلم بأن قصره سيحاصر لساعات.

فماذا لو كان التحرك يضرم الشر و ليست من أهدافه مطالب معيشية؟

كانت ستحدث كارثة بكل المعايير.

الذين حضروا للغضب، و دونا المطالب بعد جمعها، احتاجوا الى وقت. و إن كان الاتفاق على مطالب اجتماعية من البسيط بلورته بسرعة. فالاتفاق على تأسيس نقابة و على المطالبة برأس المدير العام للأمن الوطني يتطلب  مدة للتشاور لرصد المواقف، و ضمان نجاح الاحتجاج. و الا كانت الخطوة انتحارا.

 يجب الاستفادة من خبرة منظمي و منشطي هذا الاحتجاج. و ليس الانتقام منهم  أو بإبعادهم الى مناطق معزولة و ساخنة كعقاب لهم. يستحقون مكافأة لأنهم أثبتوا محدودية الدراع الأمنية، و حدود استخدام العصا لقمع المعارضة و المعارضين.

هناك فراغات سياسية كبيرة، و فجوات تغري على الفتن. و لن يأت الحل من قرارات ظرفية تحت ضغط الغضب.فالغضب شامل، و لا يفرغه غير الإصلاح العميق.

اليوم مرت الأمور على خير، فمن يضمن غدا؟

hakimbelbati@yahoo.fr