ÙÙŠ الØاجة إلى Øكمة أبي العلاء المعري
بقلم Øسن العسبي
ماذا لو كان أبو العلاء المعري بيننا اليوم، ما الذي سيقوله عن Øلب وعن بلدته معرة النعمان؟. وما الذي سيكتبه عن الدم المراق، عبثا، لأسباب طائÙية بين نهر العاصي ونهر الÙرات؟. ألن يردد Øكمته الØزينة: "هذا ما جناه علي أبي وما جنيت على Ø£Øد"ØŒ هو الذي اعتزل الناس 45 سنة كاملة ورÙض أكل اللØوم، وأضرب عن الزواج ورÙض الإنجاب؟.
الكاتب : كاتب صØÙÙŠ من المغرب
الØقيقة، أن ما أعاد إلي، ذكرى هذا الÙيلسو٠الأديب، الذي ظل منتصرا للعقل والمنطق، طيلة Øياته، ولم يجد خصومه من تهمة يلصقونها به غير الزندقة، هي قصة Ø£Øد أجمل كتبه، الذي اعتقد لقرون طويلة أنه من بين كتبه المÙقودة الضائعة، بل تمة من شكك Øتى ÙÙŠ وجود ذلك الكتاب Ùعلا، اعتبارا لموضوعه وطبيعة شخوصه وأبطاله. Øتى شاء القدر الجميل، أن تكتش٠نسختان منه، قويتا السند علميا، بالمغرب. كانتا نائمتين، ÙÙŠ الØÙظ والصون بالخزانة الملكية بالرباط. ويعود الÙضل ÙÙŠ اكتشاÙهما وتØقيقهما وإخراجهما إلى النور، إلى الباØثة المصرية عائشة بنت الشاطئ. بعد أن عينت أستاذة معارة من جامعة عين شمس بجامعة القرويين بÙاس سنة 1970. Ùأعاد العالم، وليس Ùقط العرب والمسلمون، اكتشا٠ذلك المجلد الضخم، الذي اسمه "رسالة الصاهل والشاØج".. ليكون ثاني كتاب/ رسالة لأبي العلاء المعري، بعد كتابه الأشهر "رسالة الغÙران"ØŒ الذي هو ثورة ÙلسÙية ÙˆÙكرية وأدبية ÙÙŠ زمنه ÙˆØتى ÙÙŠ زمننا اليوم.
إن الكتاب المكتش٠هذا بالمغرب، هو رواية للتاريخ على لسان البهائم، Øين كان المشرق العربي، وبلاد الشام والعراق منذ أل٠عام، مستباØØ© بين الروم والÙرس والÙاطميين الشيعة. وهي تقنية لم يعتمدها العرب ÙÙŠ كتاباتهم كثيرا، من قبل، على اعتبار أن كتاب "كليلة وذمنة" هندي Ùارسي ترجم إلى العربية من قبل ابن المقÙع. والØكمة ÙÙŠ كتاب أبي العلاء المعري هذا، هي ÙÙŠ انبنائه على الأضداد، التي تقود إلى اليقين، ذلك الشئ الذي نسميه "الØقيقة". لأنه من خلال تتبعنا لصÙØات الكتاب المدوخة، الشديدة التكثيÙØŒ القوية الØبكة، نكتش٠أننا أمام نص تربوي للØياة. Ùيه درس التاريخ، Ùيه درس السياسة بشبكة مصالØها الÙتاكة، Ùيه قلق الإنسان أمام شرط وجوده كإنسان ÙˆÙيه بئر عميقة من الأمثال واللغة العربية على أصولها البكر. ÙˆØين ÙŠÙ†Ø¬Ø ÙƒØ§ØªØ¨ Ù…Ùكر ÙÙŠ نسج خيوط المعنى، بين ذلك كله، تكبر هامته المعرÙية، ويلج بمثل ذلك الكتاب بيسر إلى مراتب العالمية.
ما الذي تقوله قصة "رسالة الصاهل والشاØج"ØŸ. هي قصة بسيطة ومعقدة ÙÙŠ الآن Ù†Ùسه. لأنها خلاصة لقاء بين Øصان وبغل (الØصان كما نعلم هو الذي يصهل والبغل هو الذي يشØج). الØصان Ù„Ùارس قادم من مصر والبغل لأبي العلاء المعري. لكن ما الذي جمع بينهما ÙÙŠ طريق الØياة؟. كان للمعري، أبناء أخ، بعضهم يخدمه ÙÙŠ بيته بسبب عماه، وشاء ظلم Ø£Øد الولاة، أن ÙŠÙرض عليهم دÙع ضريبة إنتاج عن قطعة أرض جرداء قاØلة ÙÙŠ ملكيتهم، Ùطلبوا من عمهم أبي العلاء، أن ÙŠØمل مظلمتهم إلى Øاكم Øلب، المنصب من الÙاطميين، عزيز الدولة أبى شجاع Ùاتك الرومي. Ùلم يجد المعري من طريقة للإستجابة Ù„Øاجة زائلة لبعض من دمه، غير أن يكتب كتاب Øكمة إلى رجل السياسة ذاك، بدلا من أن يستجديه مباشرة. بل إنه بدلا من أن ينزل إلى قاموس التلط٠والإستجداء أمام باب الØاكم، عمل من خلال تقنية كتابته أن يلزم أبى شجاع Ùاتك الرومي أن يصعد هو إلى Øكمته التي أراد أن يوصلها إليه، عن Øال البلاد والعباد، عن Øال التشرذم والضع٠للعربي المسلم، بين الروم والÙرس. وعلى امتداد 350 صÙØØ©ØŒ سنراÙÙ‚ قصة التقاء بغل أبي العلاء (أليس البغل من ÙŠØمل أثقال الآخرين بصبر)ØŒ مع Øصان Ùارس قادم من مصر، عند بئر ماء ÙÙŠ طريق الØياة إلى Øلب، والØوار الذي دار بينهما.
لقد اعتبر البغل الÙرصة مواتية كي يطلب من خاله الØصان Øمل شكواه إلى Øاكم Øلب، التي هي عبارة عن مظلمة شعرية. والمثل يعلمنا هنا، أنه قيل مرة للبغل: "من أبوك؟"ØŒ Ùأجاب بسرعة: "الØصان خالي". لأنه لم يرض أن يعتر٠أن الØمار أباه. ولأن الصاهل لم يرضى بتلك القرابة مع البغل، Øتى والخال أتبث نسبا من العم، Ùإنه سيأن٠من تلك الخؤولة، Ùصب غضبه وسخريته على الشاØج، Ùتخاصما، ÙˆØ§Ù‚ØªØ±Ø Ø§Ù„Øصان الإØتكام إلى الØمامة "Ùاخثة" المعروÙØ© بالكذب، التي كانت تØØ· على غصن قريب. ÙرÙض البغل أن تكون Øكما بينهما، لأنها Øمقاء ذات أراجيÙØŒ ÙˆØ§Ù‚ØªØ±Ø Ø£Ù† يكون الجمل "أبو أيوب"ØŒ الذي جاء للإرتواء من ماء البئر Øكما بينهما. ÙØلقت الØمامة مسرعة صوب البعير ÙˆØرÙت القصة، مدعية أن البغل يتهمه بالكذب والØمق، Ùاهتاج الجمل وهجم على البغل. Ùتعقد الموقÙØŒ قبل أن يكتش٠الجمل مكيدة الØمامة "Ùاختة"ØŒ Ùيقرر أن يكÙر عن إساءته للبغل، بأن يتطوع هو لإيصال مظلمته إلى والي Øلب. ÙˆØتى تستقيم الØكاية التي سينقلها إلى ذلك الØاكم، Ùإنه Ø§Ù‚ØªØ±Ø Ø§Ù„Ø¥Ù†ØµØ§Øª للثعلب، الجوال ÙÙŠ الأصقاع، Øامل الأخبار الموثوقة، ÙÙŠ ما يشبه التقارير الصØÙية، Øتى يكتمل الإطار العام للمظلمة.
تلك قصة كتاب أبي العلاء المعري "رسالة الصاهل والشاØج" التي وجدت نائمة Ù…ØÙوظة ÙÙŠ الخزانة الملكية بالرباط، ÙÙŠ نسختين واØدة ØÙصية من تونس والثانية Øضرمية من سبتة المØتلة اليوم من قبل الإسبان. وهو الكتاب المتعة، العميق، الذي يعلمنا من بين ما يعلمنا، ما قاله بعض الرعاة لأهلهم: أن لا تذموا القتادة (شجر بشوك) Ùإن لها علينا Øقا. قيل: وماذاك؟. قالوا: أنها لم تنبث بأرضنا.. هل Øقا لم تبث بأرضنا العربية اليوم القتادة؟. مثلما يعلمنا ما قالته Øذام لأهلها الغاÙلين: "لو ترك القطا ليلا لنام" (القطا Øمام صØراء) Øين Øذرتهم من عدو قادم بليل ولم يصدقوها Ùكان الذي كان. أليس ما ÙŠØدث ÙÙŠ الشام والعراق شبيها بذلك اليوم. ولأنه ليست الرقلة (صغير النخل) عمة للشيØØ© ولا خالة، Ùإن Øساب السياسة ذاب ÙÙŠ النسيان، مثلما نسي Øاكم Øلب ودمشق وبغداد منذ أل٠عام، والذي تبقى خالدا ÙÙŠ الزمن هو أبو العلاء المعري، لأن يمناه خطت كتبا Ùاتنة، بليغة، من قيمة "رسالة الصاهل والشاØج".