الرئيسية ثقافة أفكار

معابر/ يكتبها حميد عبد القادر

الجزائريون والحرب العالمية الثانية... هل ذهبوا عن طواعية؟


15 جويلية 2014 | 01:51
shadow


الكاتب : stcloudhamid@yahoo.fr


 

يجري الحديث هذه الأيام عن مشاركة الجنود الجزائريين في الحرب العالمية الثانية، عقب الإعلان رسميا عن مشاركة الجزائر في احتفالات 14 جويلية بباريس. وليس مسألة صواب خيار الجزائر للمشاركة في هذه الاحتفالات من عدمه، هو الذي يهمني، بقدر ما يهمني محاولة الإجابة عن السؤال التالي: "هل شارك الجزائريون في هذه الحرب عن طواعية ورغبة؟".

في يوم 26 جويلية 1939، ثلاثة أيام قبل قيام الحرب العالمية الثانية، قامت السلطات الاستعمارية بحل حزب الشعب الجزائري، وبدأ نقاش حول الموقف والتوجيه الذي يجب اتباعه نحو قوات المحور، وكان مصالي يسير الحزب من السجن، وكان موقفه مؤيدا لمجموعة المناضلين الرافضين لأي تعامل مع ألمانيا الهتلرية، وكان على رأس هذه المجموعة الدكتور "لمين دباغين" والمناضل "أحمد بودة"، في حين كان تيار آخر من حزب الشعب متعاطفا مع المحور، وعلى رأسه "سي الجيلاني" و"عمار خيدر"، وبعد إطلاق سراحه كان على مصالي أن يأخذ موقفا من الحرب المشتعلة، وعلى عكس فرحات عباس، الذي كتب في جريدة "لانطانت" (الوفاق): "مكاني هو تحت العلم مع رفاقي في الفيلق".

في حين كتبت جريدة "الأمة": "إن إفريقيا الشمالية لا يربطها بفرنسا أي إحساس، اللهم إلا إحساس حقد راكمه قرن من الاحتلال في قلوبنا. باسم الجمهورية الفرنسية، ستون مليون كائن يعيشون تحت أنواع الاستعباد، إن وطننا هو المغرب ونحن مجندون له حتى الموت.. وإذا كانت رغبة العيش كرجال أحرار معناها أن نكون مناهضين لفرنسا فنحن كذلك، وسنبقى هكذا دائما.. الاستعمار الفرنسي قد ينتهي وجوده عندنا، دون أي أثر عدا ذكرى كابوس".

يروي مصالي الحاج في مذكراته أن الأمهات الجزائريات في تلمسان كن يرددن باكيات عند أبواب الثكنات الفرنسية ''أتركوا لنا أبناءنا''. وظل هذا الرفض قائما حتى لما قامت الحرب العالمية الثانية.

وكتب بن خدة أن فرنسا جنّدت الجزائريين إجباريا لخوض أكثر من حرب منذ نهاية القرن التاسع عشر مقابل وعود كانت تخالفها دائما، ولما قامت الحرب سنة 1939 لم يعد الجزائريون يؤمنون بالوعود، وراحوا يبحثون عن السبل الكفيلة بتحقيق عدم استجابتهم للتجنيد الإجباري. ويضيف بن خدة: ''هكذا التفت الجزائريون لألمانيا العدو التاريخي لفرنسا''. وتعمّق إعجابهم بألمانيا عقب هزيمة فرنسا سنة 1940، متعاطفين مع هتلر.. لكن غير نازيين.. ويروي المؤرخ الفرنسي جيلبير مينييه في كتابه ''التاريخ الداخلي لجبهة التحرير الوطني بين 1954 و1962'' أن الروح المعادية لفرنسا، وللمشاركة في الحرب العالمية الثانية في أوساط الشعب الجزائري كانت منتشرة بسبب أفكار تيار من المناضلين الشباب داخل حزب الشعب الجزائري.

يذكر مينييه أن محمد بوراس كان يفكر في إعداد الشباب للحرب ضد فرنسا سنة 1940 أي في خضم الحرب. ويذهب المؤرخ الفرنسي إلى أبعد من هذا، ويروي استنادا إلى محفوظ قداش أن بوراس توجّه إلى باريس في خريف سنة 1940 واتصل بالألمان لإيجاد طريقة للتعاون ضد العدو المشترك فرنسا. ولما عاد إلى الجزائر قامت السلطات الفرنسية باعتقاله وتعذيبه في ماي 1941 ولفّقت له تهمة تقديم وثائق للعدو الألماني أخذها من مكتبه بالأميرالية حيث كان موظفا. وتم تنفيذ الحكم بالإعدام عليه يوم 27 ماي.

ويسرد مينييه وقائع أخرى بشأن كراهية الجزائريين لفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، ورغبتهم في التحالف مع ألمانيا للتخلص من العبودية المفروضة عليهم. علما أن مفتي القدس الحاج آمين زار برلين في خضم الحرب والتقى بهتلر الذي يكون قد وعده بتحرير البلاد العربية من الاستعمار.

وحتى إذا استجاب الجزائريون للتجنيد عن طواعية، فإن ذلك تم بعد المصادقة على ميثاق الأطلسي من قبل تشرشل وروزفلت في أوت 1941 الذي يعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها. فالاستجابة للتجنيد لم تتم للدفاع عن فرنسا، بل من أجل الحصول على الاستقلال. فالأمريكيون وميثاق الأطلسي هو الذي دفع الجزائريين للمشاركة في الحرب بعد 1941 من أجل إنشاء الدولة الجزائرية والاستقلال الكامل، كما ورد في بيان الشعب الجزائري الذي صادق عليه فرحات عباس ومصالي الحاج.

وحلل المؤرخ الجزائري الراحل محفوظ قداش موقف الجزائريين من الحرب العالمية الثانية في كتابه الضخم ''تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية''، وأورد أن المواقف كانت متضاربة. فالنخب السياسية الليبرالية والأعيان كانوا ينادون بضرورة ''حماية فرنسا من الخطر النازي''، من أجل الحصول على بعض الحقوق السياسية. في حين رفضت الفئات الشعبية الاستجابة للتجنيد. ويذكر قداش أن غالبية الجزائريين كانوا تحت تأثير ''الإعجاب بالقيصر الألماني غيوم الثاني الذي كان يلقب في الأوساط الشعبية ''بالحاج غيوم حامي الإسلام''. علما أن غيوم الثاني تحالف مع الإمبراطورية العثمانية ضد فرنسا وبريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى.

 



مواضيع ذات صلة

التعليقات

  1. سمير بوجعادة   17 سبتمبر 2021

    جدي حرب بجانب الجيش الفرنسي ضد المانية سنة 1939وله وتاءق تنبت.هل له الحق في الجنسية شكرا

  2. طافر مسعود   20 مارس 2021

    انبه ان اندلاع الحرب العالمية الثانية كان في 1سبتمبر 1939م وبالضبط على الساعة 04 صباحا و45 دقيقة بدأ الهجوم الالماني على بولونيا ( بولاندا ) وان فرنسا اعلنت الحرب على المانيا يوم 03 سبتمبر 1939 م على الساعة 14 مساءا بعد ما تاكدت من ابريطانيا انها اعلنت الحرب على المانيا على الساعة 11 صباحا نفس اليوم وليسكما ورد في المقال ""في يوم 26 جويلية 1939، ثلاثة أيام قبل قيام الحرب العالمية الثانية"" اشكر صاحب المقال شكرا جزيلا على المساهمة بهذا المقال الهام

  3. مراد   22 جانفي 2017

    جده حرب مع فرنسا ضد ألمانيا كيف احصل على الوثائق كان فى سجن فى المانيا 3 سنة الله يستركم كيف

أترك تعليقا

شكرا لك تمت إضافة تعليقك بنجاح .
تعليق