بورتريه
Ùائزة عدلي.. عاصمية تØتر٠صناعة الجلد بتمنراست
الكاتب :
Â
"Ù„ØªÙ†Ø¬Ø ÙÙŠ صناعة الجلد يجب أن تØبه أولا وتØب الطبيعة والسكن البدوي الذي ÙŠØتويه، يجب أن تكون صبورا وتؤمن بقدرتك على الابتكار والتجديد لأنها ÙÙŠ النهاية موهبة". بهذه العبارة تلخص Ùائزة عدلي مغامرتها مع الجلد التي بدأت ÙÙŠ عالم الصØاÙØ© والشعر وانتقلت إلى ختم ÙŠØمل كلمة "Ø£Ùضلي" مصنوع من مادة "لاميونط" توقع به منتوجاتها الجلدية للدلالة على معنى واØد "هذا من Ùضل ربي الذي ألهمني".
Â
تبدو Ùائزة عدلي ÙÙŠ ملامØها امرأة هادئة وقوية ونظرتها ثاقبة. أذكر أن أول ما أثارني ÙÙŠ لقائي الأول بها بالعاصمة، Øذاؤها الجلدي المميز، وككل النساء اللواتي ينبهرن بما تملكه الأخريات سألتها عن المكان الذي اشترته منه، والØقيقة أن الØذاء صنع ÙÙŠ ورشتها الصغيرة بتمنراست. أغرقت Ùائزة بعد Ù„Øظات Ùقط من تعارÙنا ببØر من الأسئلة كطÙلة منÙعلة تدخل عالما جديدا لأول مرة، وكانت المرأة التي وجدت ÙÙŠ ملامØÙŠ شبها لابنتها تØدثني بهدوء مبالغ Ùيه يعكس Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ø´Ø§Ø¹Ø±Ø© والصØÙية التي تØولت إلى Ùنانة ÙÙŠ عالم الجلد.
من مكتب "راديو نت" إلى عالم الجلد
ÙÙŠ مكتب "راديو نت"ØŒ كان الملل يتسلل لقلب Ùائزة من مواضيع الأمراض النسائية وسرطان الثدي، ومØاورة الأطباء. ملل لم تجد لمواجهته غير كنزتها الجلدية لتقوم بÙتØها وتقطيعها إلى شرائط كثيرة ÙÙŠ يوم مجنون، Øرك Ùيها Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ø´Ø§Ø¹Ø±Ø© التي تÙكك الجمل وتعيد تركيبها، وهي لا تعر٠ما تÙعل بها، وإذا ما كان سينتج عنها نص ÙÙŠ النهاية أو لا. بنÙس الهوس Ùككت كنزتها إلى قطع، كل كت٠وØده، الظهر والجيوب أيضا ÙتØتها ووضعتها جانبا، ثم أخذت تقطعها إلى شرائط صغيرة، ولم تستوعب ما ارتكبته ÙÙŠ ØÙ‚ كنزتها إلا بدخول زميلتها وصرختها من صدمة الموقÙ. ولأن الكنزة كانت قد أتلÙت، بدأت Ùائزة بضÙر شرائط وخيوط الجلد، Ù…Øاولة خلق أي تشكيل بها. واستمرت ÙÙŠ ربط الخيوط ببعضها البعض بكل Ùن، إلى أن بدأ الشكل يظهر. وبعد الكثير من العقد تكون لديها "قرط" كما تتكون القصيدة من الأبيات. لبست Ùائزة بسعادة كبيرة أول منتوج من الجلد لها كما تلبس الشاعرة أولى قصائدها. تقول Ùائزة "لم أندم على ما Ùعلته بكنزتي، المهم أنني وجدت طريقة مسلية لمواجهة الملل الذي كنت أشعر به".
بقايا... بلمسة جديدة
وهكذا اتخذت Ùائزة من أجزاء كنزتها مادة أولية، تشكل منها الأساور والأقراط والسلاسل الجلدية لتتزين بها. وأخذت تستثمر ÙÙŠ بقايا قطعها الجلدية، لتصنع ØاÙظة لهاتÙها النقال، ÙˆØزاما لبدلتها الجديدة. وتقول Ùائزة عن أول ما أخاطته: "قمت بإخاطة ØاÙظة هاتÙÙŠ مرتين، وكنت ÙÙŠ كل مرة Ø£ÙتØها وأعيد إخاطتها، وبعد عدة Ù…Øاولات أعجبتني أخيرا وقررت الإØتÙاظ بها".
لم تكن Ùائزة التي لا تبØØ« ÙÙŠ الجلد إلا عن ÙرØØ© صغيرة، تعر٠أن ما تلبسه من منتوجاتها، سيبدأ عليه طلب الأصدقاء والسياØØŒ وسيتØول إلى معرض مغر. وأول ما وقع عليه الطلب، Øزامها الذي انبهرت به صديقتها القادمة من مرسيليا وطلبت واØدا مثله. هنا قررت شراء لوازم الخياطة الخاصة وبعض المتطلبات الصغيرة التي تلزمها ÙÙŠ صناعة طلبية أول زبائنها.
ولأن الأشياء التي نضع Ùيها بعضا من Ø¥Øساسنا تخرج جميلة ÙˆØªØµÙ„Ø Ù„Ù„Ø¢Ø®Ø±ØŒ بدأ الأصدقاء والزملاء ÙŠØبون ما تصنعه Ùائزة ويطلبون منها أن تصنع لهم مثلها. وبدأت تجمع بقايا الجلد وتعيد تلوينها وتلميعها، ÙˆÙÙŠ كل مرة تجرب شيئا مختلÙا. تقول Ùائزة: "Ø£ØµØ¨Ø Ø§Ù„Ø£ØµØ¯Ù‚Ø§Ø¡ ÙŠØضرون بعض أغراضهم الجلدية القديمة، لأصنع لهم منها Øقائب وغيرها".
Â
ÙÙŠ تمنراست... أبجديات وإبداع
كنت أرى Ùائزة ناجØØ© ÙÙŠ صناعة الجلد بالعاصمة Øتى الآن، ولم Ø£Ùهم بعد ضرورة مغامرتها ÙÙŠ أعماق الصØراء، بينما كانت ترى هي ÙÙŠ وقت سابق أنها وجدت ما كانت تبØØ« عنه خارج مكتب راديو نت ÙÙŠ تمنراست، لا سيما بعد الزيارة التي قامت بها للمدينة ضمن رØلة توعوية نظمتها جمعية ÙÙŠ إطار تعليم الشباب مهارات استغلال الÙضلات. وبعد مدة قصيرة من الزيارة، وبالتØديد ÙÙŠ أكتوبر سنة 2011ØŒ قررت Ùائزة اØترا٠صناعة الجلد ÙÙŠ مدينته. تبتسم Ùائزة وتقول: "وضعت القلم وتركت "راديو نت" واتجهت إلى تمنراست".
بقلب كبير وذراعين Ù…ÙتوØتين على الآخر استقبلت تمنراست ابنة العاصمة كما تستقبل المدن الجزائرية أبناءها أينما تنقلوا. ولأن المرأة "الترڤية" ولدت للعطاء، Øصلت Ùائزة التي أخذت بعضا من ملامØهم، على الدعم منذ البداية، Øيث تولت "الترڤية" Ùاطمة تعليمها أبجديات صناعة الجلد بطريقة يدوية وبدائية للØصول على المادة الأولية لتشكيلاتها. وذلك باستخدام نبتة اسمها "تهجرت"ØŒ التي تجÙ٠ثم تطØÙ† بمهراس من الØطب يسمى "تينيدي"ØŒ ثم يتم وضع الجلد المنزوع بعد Ø§Ù„Ø°Ø¨Ø Ù…Ø¨Ø§Ø´Ø±Ø© بداخلها. وتروي Ùائزة تÙاصيل العمل موضØØ©: "نترك الجلد لمدة من ثلاثة إلى أربعة أيام Øتى يلين، ثم نقوم بتجعيده ودلكه بالØجر على الأرض، ثم يترك ليج٠مع دهنه بشØÙ… الجمل Øتى ÙŠØµØ¨Ø Ù„ÙŠÙ†Ø§ØŒ ثم يعرض لأشعة الشمس التي تتميز بلطاÙتها وهدوئها بØيث تجÙÙÙ‡ ولا تØرقه".
بصبر كبير تمارس Ùائزة الØرÙØ© التي Ø£Øبتها واكتشÙتها ÙÙŠ سن متأخرة، بما تتطلبه من طاقة عضلية وعمل يدوي متعب. وبالرغم من هذا تؤكد Ùائزة: "Ø£Ùضل صناعة الجلد بيدي، وعندما أكون مضطرة ولدي طلبية جديدة، أقوم بشراء قطع الجلد جاهزة". ولم تتوق٠Ùائزة عند تعلم هذه الØرÙØ© وكÙى، وإنما تغلغلت Ùيها لاكتشا٠أشياء أخرى، استطاعت بعدها التوصل إلى نبتة تقضي على رائØØ© الجلد وتزيلها بصÙØ© نهائية، لتدخل باكتشاÙها دائرة المناÙسة، بعدما تØكمت ÙÙŠ أبجديات الØرÙØ©ØŒ وميزت بين أنواع الجلود التي تقول عنها: "أستخدم جلد الكباش والماعز خاصة لأنه جلد جيد، لكن جلد الجمل غير مناسب للباس لأنه جلد رهي٠ولا ÙŠØµÙ„Ø Ù„Ù„Ø®ÙŠØ§Ø·Ø©". ومن Ø£Ùضل الجلود جلد "لروي"ØŒ وهو نوع من الغزلان يتواجد ÙÙŠ الجبال، يصطاد ÙÙŠ الليل ÙÙŠ أعماق الصØراء، أما جلد البقر Ùهو خشين تصنع به النعال". وتؤكد Ùائزة "ناس الصØراء كرماء، ساعدوني ÙÙŠ ØرÙتي وكنت Ø£Øصل على الجلود مجانا ومنها ثلاثة جلود للروي".
"التوارڤ" قلوب بØجم الصØراء
ما كان من الممكن للعاصمية الوØيدة أن تتطÙÙ„ على عالم صناعة الجلد الذي تØتكره نساء "التوارڤ" لولا شساعة قلوبهم وكرمهم الذي يضاهي Øجم الصØراء. منذ البداية Øدثتني Ùائزة كي٠ساعدها أهل المدينة على دخول عالمهم، عندما أرشدوها إلى غرÙØ© الØر٠والمهن التابعة لوزارة الثقاÙØ©ØŒ من أجل اجتياز امتØان هناك، ÙˆÙعلا اجتازت Ùائزة الامتØان ÙÙŠ أول أسبوع من شهر رمضان. لم يكن صعبا عليها لأنه كان امتØانا عÙويا تدور أسئلته Øول كيÙية تعلم الØرÙØ©ØŒ وهو امتØان يجتازه الØرÙيون ÙÙŠ الطلاء، الØلاقة، الÙضة، الملابس التقليدية وغيرها. وبعد أسبوع Ùقط تØصلت Ùائزة على شهادة تأهيل ÙÙŠ صناعة الجلود الÙنية. وهي تشمل الأØذية، الØقائب، الأكسسوارات ومواد الزينة. وتØصلت على بطاقة ØرÙية من تمنراست تؤهلها لبداية العمل بصÙØ© رسمية. وتقول Ùائزة: "التوارڤ لا يعلمونك أسرار الØرÙØ© ولكنهم طيبون يساعدونك على التأقلم مع المنطقة، يسهلون لك الØياة ويجلبون لك الطلبيات ويÙرØون كثيرا بامرأة تصنع الجلد".
ورشة صغيرة ÙÙŠ سورو معلمين
وسط "التوارڤ" قامت Ùائزة بتأجير بناء صØراوي تقليدي سقÙÙ‡ من النخيل، خارج المنطقة الولائية، وبالضبط ÙÙŠ منطقة اسمها "سورو معلمين". هناك اكتشÙت طعم الØياة البدوية، ÙˆÙتØت ورشتها الصغيرة، وتعلمت التØكم ÙÙŠ الألوان الأساسية. ومن الألوان المشهورة ÙÙŠ عالم الجلد "الأجيڤو" وهو اللون الأزرق الداكن. لون "التوارڤ" المÙضل يستخرج من Øجرة تستخدم أيضا للØماية من أشعة الشمس. ومن الألوان أيضا "روج ماجينثا" وهو لون Ø£Øمر يميل إلى اللون الوردي، Ùˆ"جون كوبالث" وهو أصÙر ÙاتØ. ومن الألوان الأساسية الثلاثة تخلق ألوانا أخرى. وأكثر ما تØبه Ùائزة ÙÙŠ لون الجلد، أنه كلما Ø£ØµØ¨Ø Ù‚Ø¯ÙŠÙ…Ø§ كلما Ø£ØµØ¨Ø Ø£Ø¬Ù…Ù„.
Â
Â
لم تواجه Ùائزة مشكلة ÙÙŠ بيع منتوجاتها، سواء من Øيث الطلب أو Ùيما يخص الأسعار، خاصة مع "التوارڤ" الذين يقدرون قيمة الجلد. ومن المنتوجات التي يطلبها عادة "التوارڤ" تذكر Ùائزة Øمالة المÙØ§ØªÙŠØ ÙˆÙ…ØÙظة النقود، النعال والØقائب أيضا، بينما يطلب Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ø§Ù„Ø£ÙƒØ³Ø³ÙˆØ§Ø±Ø§Øª بمختل٠، خاصة سنة 2012 التي عرÙت تواÙدا كبيرا من Ø§Ù„Ø³ÙŠØ§Ø Ø¥Ù„Ù‰ المنطقة. وتذكر Ùائزة "صنعت أيضا Ø£Øزمة للكلاب والقطط بأشكال مختلÙØ© لسائØØ© جاءت من النرويج".
وردة القطن وأشياء أخرى
وشيئا Ùشيئا أخذت Ùائزة تصنع تميزها، وتمزج بين التقليدية والأصالة. وبعدما نجØت ÙÙŠ صناعة جلد بلا رائØØ©ØŒ نجØت ÙÙŠ مزج العديد من الأشياء مع الجلد لصناعة تشكيلات متميزة. وأبرزها وردة القطن، وهي أشجار مثمرة جدا ÙÙŠ تمنراست، Øيث عملت Ùائزة التي لا تترك شيئا يمر دون أن تستÙيد منه، Øيث توظÙÙ‡ ÙÙŠ صناعة تشكيلاتها الجلدية. Ùتقوم ÙÙŠ شهر ماي وجوان بجمع القطن المنتشر على الطرقات، لتزين به أكسسوارات الجلد بطريقة Ùنية وذكية. تقول Ùائزة: "أول ما انبهرت به ÙÙŠ تمنراست أشجار القطن". ولم يتوق٠إبداع Ùائزة هنا، بل استطاعت أن تستغل خصائص البيئة التي تعيش Ùيها، ولأن سكان تمنراست يستهلكون كثيرا البيسطاش، ابتكرت Ùائزة طريقة لاستغلال قشوره ÙÙŠ صناعة لوØات زينة كديكور للبيوت بعد تشكيلها وتلوينها، وتقول: "كنت أقوم بجمع القشور من الأصدقاء ثم أقدمه لهم كهدايا لديكور البيت".
كل شيء وجدت له Ùائزة توظيÙا ÙÙŠ عملها، وكي٠تمزجه مع الجلد، واستÙادت من أشياء كثيرة قد تبدو غير مهمة. كنت أقلب بعض منتوجاتها بين يدي وأسألها كي٠صنعت هذا؟ وقد يبدو لي شيئا غريبا Ùأسأل وما هذا؟ وهناك اكتشÙت أن المرأة التي تجلس إلى جانبي قادرة على توظي٠أي شيء مع الجلد. استطاعت Ùائزة إيجاد مواد أولية لتجرب أشياء جديدة وتبتكر وتطور عملها. وتقول معلقة أمام دهشتي: "ÙÙŠ تمنراست يلقبونني بÙنانة الجلد، الناس هناك ÙŠÙهمون جنون الÙنان، لأنها مدينة الØرÙيين".
Ø£Øلام مشروعة
بعد كل ما Øققته Ùائزة ÙÙŠ عالم الجلد، جاءني سؤال مباغت لأعر٠"ما الذي تبقى من Øلمها هنا؟". Ùعلا ÙÙŠ عالم الجلد مازال Ù„Ùائزة عدلي Ø£Øلام مشروعة. مازالت تØلم اليوم بصنع خيمة من الجلد. Øلم يتطلب منها أكثر من ثلاثمائة قطعة جلد، وقد تصل تكلÙتها إلى أربعين مليون سنتيم، وثلاثة أشهر كاملة من العمل المتواصل، تتم Ùيها إخاطة الخيمة باليد. وعندما تنتهي من إنجازها، تسجل عليها ختمها "AFDALI" الذي صنعه لها رب العائلة التي ساعدتها كثيرا من مادة "لاميونط"ØŒ ثم تسكن الخيمة التي صنعتها، ويكتمل بذلك معنى الكلمة التي اختارتها. وتقول Ùائزة: "اخترت هذه الكلمة لأنها تشمل اسمها العائلي "عدلي" وتشير إلى عبارة "هذا من Ùضل ربي" لأنه من ألهمني هذه الموهبة وأنا من عشقت منذ الصغر إعادة تشكيل الأشياء ولبس الأØذية والØقائب الجلدية".
إعداد: سارة جقريÙ
Â
عرباوي عبدالقادر 26 أوت 2016
السلام عليكم. مقاله رائعه .. رغم انني قرئتها متأخر اختنا Ùائزه Ùنانة وانسانة تستØÙ‚ كل التقديروالاØترام تمنراست .دائما وابدا تعتبد مدينتها واهلها ... مزيد من Ø§Ù„Ù†Ø¬Ø§Ø .. وشكرا للكاتبه . ساره ...
mohand oukaci 04 ماي 2014
De la presse à la tannerie, un parcours hors du ccommun, bien original. Dans le cuir ou sur papier la créativité s'étale et dévoile une âme