ﺃلوان زنجية
بقلم سعيد خطيبي
إيمي سيزار، أبو الأدب الزنجي، لم يجد سبيلاً لإقناع مواطنه Ùانون بتبنيّ قناعاته، وسيدار سنغور ساهم ÙÙŠ تعميق الهوّة بينه وبين كتّاب آخرين من بني جلدته.
الكاتب : سعيد خطيبي
وعلى الرغم من Øماسة مؤسّÙسي الأدب الزنجي ÙÙŠ الدÙاع عن خياراتهم، والمجاهرة عالياً بأØقّية مشروعهم، والتأكيد أكثر من مرة على أصالة تيّارهم، Ùقد وجد Ùرانز Ùانون سبباً لإعلان قطيعة معهم، وإثارة تساؤلات Øول جوهر التزامهم بخط المطالبة بالاستقلال القومي، ومسألة تØرير الإنسان الزنجي، تساؤلات ما تزال مستمرّة Øتى اليوم.
صاØب "بشرة سوداء، أقنعة بيضاء" رÙض التقوقÙع داخل Øركة رأى Ùيها ضبابية وليونة خطاب ÙÙŠ التعامل مع المØتل: الرجل الأبيض، الغربي. عاب على منظّÙريها سوء التقدير، Ù…ØلّÙية الطرØØŒ وتخاذلاً ÙÙŠ الموق٠الراديكالي تجاه المستعمر، وعارض ما ﺬهب إليه جان بول سارتر ÙÙŠ تعريÙÙ‡ للØركة Ù†Ùسها باعتبارها Ùقط نظيراً لمÙهوم الإنسان الزنجي، Ù…ÙضّÙلاً أن ينأى بنÙسه، ويواصل عمله الأكاديمي ÙÙŠ تØليل ومناهضة الØركة الاستعمارية عمليّاً ونÙسانيّاً، وتØديد معيقات تطوّر السود، داخلياً وخارجياً.
سياقات نشأة الØركة الزنجية، ÙÙŠ Ùترة ما بين الØربين العالميتين، لم تكن لتخلو من تداخلات مع الشأن السياسي، وربط مباشر بين Ù…Ùهومي الكتابة والالتزام، مع عدم ÙˆØ¶ÙˆØ ÙÙŠ التصوّÙر العام Øول العلاقة مع المستعمر الأوروبي. هل تقوم على المواجهة المباشرة أم على الØوار الثنائي؟ إيمي سيزار(1913 - 2008)ØŒ الشاعر المارتينيكي (الذي انخرط لاØقاً ÙÙŠ السياسة)ØŒ كان له السبق ÙÙŠ تبنّي Ù…ØµØ·Ù„Ø "الزنجية" تعبيّراً عن Øالة الكتابة الأدبية لذوي البشرة السوداء، من المستعمرات الإÙريقية إلى مستعمرات أمريكا الوسطى. Ù…ØµØ·Ù„Ø Ø§Ø³ØªØ®Ø¯Ù…Ù‡ØŒ لأول مرة، ÙÙŠ مجلة "الطالب الأسود" (1935) بباريس، ثم ÙÙŠ مجموعته الشعرية الأولى والأهم "مذكرات العودة إلى البلد الأم" (1939)ØŒ واقتبسه لاØقاً رÙيق دربه النضالي الشاعر والرئيس السنغالي ليوبول سيدار سنغور (1906 – 2001)ØŒ ÙÙŠ مجموعته الشعرية الأولى أيضاً "أغاني الظل" (1945) Ù…ØµØ·Ù„Ø ÙƒØ§Ù† ÙŠØمل معنى الدÙاع عن الهويّة الزنجية وثقاÙØ© السود، ومواجهة مساعي "الÙَرْنَسة" والتغريب التي Øاول المستعمر Ùرضها، بمØÙˆ اللغات المØلية والتراث الإÙريقي الشÙوي. بالتالي، Ùقد Øَدَّدت الØركة، ومن البداية، خطوطها العريضة بالاشتغال والتركيز على الشق الثقاÙÙŠØŒ والبعد الهوياتي ولملمة التراث الشÙهي والمكتوب للمجموعات العرقية السوداء المختلÙØ©ØŒ مع تجنّÙب الاØتكاك المباشر مع الإدارة الاستعمارية، أو المطالبة، بصيغة واضØØ©ØŒ بالاستقلال وتØرير القارة السمراء وجزر الكاريبي من هيمنة الاØتلال.
وسرعان ما التÙÙ‘ كتّاب سود، من دول مختلÙØ©ØŒ ÙˆØساسيات متعددة، Øول تيار سيزار وسنغور، خصوصاً بعد إطلاق مجلة "PRESENCE AFRICAINE Øضور
Ø¥Ùريقي" (1947)ØŒ التي أسَّسَها الكاتب السينغالي أليون ديوب" (1910 – 1980) وكانت تÙطبَع، ÙÙŠ الوقت Ù†Ùسه، ÙÙŠ باريس وداكار، واستقطبت أعمدتها وصÙØاتها أهمّ الأسماء من أنتيليجانسيا وكتاب مرØلتي الكولونيالية وما بعد الكولونيالية، على غرار المؤرخ الشيخ أنتا ديوب (صاØب "Øضارة وبربرية" - 1981)ØŒ الشاعر الغوياني ليون غونتران داما (صاØب "قصائد زنجية على إيقاعات Ø¥Ùريقية" (1948)ØŒ الناقد المارتينيكي إدوارد غليسان، الإثنولوجي المالي Ø£Øمدو أمباتي با، وغيرهم.
ÙˆØظيت الØركة Ù†Ùسها بدعم من مثقÙين Ùرنسيين معروÙين: آندري جيد، آلبير كامو، وجان بول سارتر مثلاً، وهو دعم لم يقدّم لها ضمانات، بقدر ما أثار Øولها Øساسيات جديدة، Ùبين "راديكالية" Ùرانز Ùانون ÙÙŠ تØليل ونقد الÙكر الاستعماري وتركيز رموز الزنجية على Øصر النقاش ÙÙŠ الشقين الثقاÙÙŠ والهوياتي برز الاختلا٠بينهما، ÙÙانون عَبَّرَ ÙÙŠ البداية عن استØسانه للمبادرة، لكنه سرعان ما تراجع، منتقداً إياها ضمنيّاً، ومنسØباً أكثر Ùأكثر Ù†ØÙˆ خدمة القضية الجزائرية، التي تبنّاها وانطلق منها ÙÙŠ التنظير لقضايا التØرّÙر، وﺬهب بعيداً ÙÙŠ تØليله للعلاقة أسود - أبيض Øين Ø·Ø±Ø Ù…ØµØ·Ù„Ø "الزنوجوÙوبيا"ØŒ تعبيراً عن عنصرية بعض الزنوج تجاه نظرائهم من زنوج آخرين، وانتقد بعض المثقÙين الÙرنسيين بØدّة بسبب سطØية تعاملهم مع قضية السود، Øيث كتب مرة ÙÙŠ نقد سارتر: "الخطاب السارتري ÙŠØطم Øماسة الزنوج"ØŒ وﺬلك رغم العلاقة الجيدة التي كانت تربطه بصاØب "الذباب"ØŒ والذي كان آخر كاتب يقرأ له وهو على Ùراش المرض، Øيث التقاه مرة واØدة عام 1960 ÙÙŠ روما، وتذكر مصادر تاريخية أن الرجلين قضيا ثلاثة أيام كاملة ÙÙŠ النقاش والتبادل الØر، "ثلاثة أيام كاملة Ø´Ø±Ø Ùيها Ùانون مواقÙه، واستمع إليه سارتر باهتمام"ØŒ كما ﺬكرت سيمون دوبوÙوار.
ÙÙÙŠ تØليله للعلاقة Ù…ÙستعمÙر- مستعمَر، يشير Ùانون إلى ضرورة أن يسترد المستعمر إرثه التاريخي الØقيقي، وأن لا يكتÙÙŠ Ùقط بالإØاطة بقيم معينة، مثل العائلة والتاريخ والدين، التي تØوَّلت، بعد وصول الاستعمار، إلى ما يشبه الÙلكلور.
اليوم، بعد أكثر من نص٠قرن على تبلور Ùكرة الزنجية، وترسّÙخها ÙÙŠ الذهنيات ÙˆÙÙŠ كتب التاريخ، يبدو من الصعب وضع تقييم موضوعي لها. Ùهي لم تبلغ تماماً الأهدا٠التي سÙطّÙرت لها، ووجدت من أجلها. كما إنها ومنذ بداياتها لاقت معارضة شديدة من Ùئة الكتّاب الأÙارقة باللغة الإنجليزية، أمثال النيجيري وول سوينكا (صاØب نوبل للآداب (1986) ومواطنه تشينوا أتشيبي (1930-2013)ØŒ وبعض كتاب ما يطلق عليهم تسمية MBARI CLUB بمدينة إيبادان النيجيرية)ØŒ والجنوب Ø¥Ùريقي إيزشيل Ù…Ùاليلي (1919 - 2008)ØŒ Øيث Ùضلوا جميعاً عدم الانخراط ÙÙŠ توجّÙهات الرئيس السينغالي الأسبق سيدار سنغور، منتقدين، ÙÙŠ السياق Ù†Ùسه، Ù…Ùهوم الزنجية، واصÙين إياه بالمÙهوم الخطير، خصوصاً بالنظر إلى ما تضمَّنَه- بØسب معارضي التوجيه دائماً- من بعد رومانسي، نرجسية وﺬاتية، مع ميل لجعل القارة السمراء مرادÙاً لليوتوبيا وللبراءة والصÙاء، كما عابوا على مؤسّÙسي الزنجية تغليبهم الجانب الÙرانكÙوني، ÙˆØصر Ø¥Ùريقيا ÙÙŠ علاقتها مع الاستعمار الÙرنسي Ùقط، والذي يختل٠- بØسبهم - ÙÙŠ تعامله مع ثقاÙØ© وهوية الشعوب الأصلية عن منطق الاستعمار الإنجليزي.
اليوم، Ø£Øداث سياسية وأخرى اجتماعية، تجعل من "الزنجية" مصطلØاً خارج اللØظة الراهنة، Ùهموم الكاتب الإÙريقي لم تعد Ù…Øصورة ÙÙŠ قضايا التØرّÙر والانتماء، والأدب القادم من جزر الكاريبي صار مشغولاً بواقعه وعلاقاته بالداخل، أكثر من الاهتمام بالقوى الخارجية المؤثرة، وضع لم يكن ليستØسنه ربما Ùرانز Ùانون اليوم، Ùهو كان يرى ÙÙŠ تØرير الÙرد الزنجي من الاستعمار مرØلة أساسية، ولكن ليست نهائية، ÙÙŠ سبيل تØقيق الذات الزنجية، تليها مراØÙ„ أخرى للسمو بها، ومØÙˆ الÙوارق بينها وبين الجنس الأبيض.