الرئيسية حوار وملف موقف وحدث

نص رسالة

علي بن بن فليس لأويحيى


21 ماي 2014 | 18:09:55
shadow


الكاتب : وثيقة


 السيد وزير الدولة، مدير الديوان رئاسة الجمهورية

أتشرف بحسن تسلّم الإرسال الذي أفدتموني بموجبه باقتراحات للتعديل الدستوري. إنني أشكركم على لياقة عنايتكم.

 

لقد لفتت هذه الاقتراحات كامل انتباهي، وكانت، من جانبي،   موضوع فحص عميق وجاد ومسؤول. فقد خضع هذا الفحص للروح العالية لخدمة بلدنا الذي أشعر دائما بخضوعي إليه مادام يتعلق الإمر بمصالحه العليا وكذا مصالح شعبنا. وقد خضع أيضا هذا الفحص للضرورات التي تمليها الخطورة الخاصة للوضعية السياسية التي نواجهها. ثم خضع، أخيرا، إلى طبيعة وخصوصية الشروط التي ينبغي، حسب رأيي، أن تكون متوفرة لتجاوز هذه الوضعية المرهقة والضارة للأمة.

 

لقد أصررت على أن أتأكد أن هذه الاقتراحات:

 

-          تخدم القضية الديموقراطية ودولة القانون والحكامة الراشدة ومجتمع الحريات التي تتطلع إليها الجزائر بنفاذ صبر، وبطموح جدّ مشروع ؛

 

-          تنضوي تحت المنظور الحقيقي لتسوية أزمة النظام الحادّة التي نعيشها؛

 

-          تندرج، بصدق وعزيمة، ضمن منطق المعالجة المباشرة والفعلية لإشكاليتين أساسيتين تستقي منهما هذه الأزمة جوهرها ومظاهرها، وهما إشكالية المشروعية وإشكالية سير المؤسسات.

 

وبالفعل، تعاني مؤسسات الجمهورية، من القاعدة إلى القمة، من نقص في المشروعية لا جدال فيه. وتقاسي هذه المؤسسات ذاتها من جمود لسبب يعرفه الجميع. والحال أن النقص في المشروعية مصدر لأزمة السلطة وأزمة الثقة. هناك مؤسسات وطنية في حالة توقّف، ما ينجر عنه تراكم في تأخيرات سياسية، اقتصادية واجتماعية. ففي حين أن في محيطينا الجهوي والعالمي تتسارع التحولات، وجدنا أنفسنا نحن في حالة ركود. وفي حين أن في كل جهة من حولنا، أثبت الخيار الديموقراطيبجلاء سداده وإحكامه، لايزال عندنا هذا الخيار موضوع العديد من المضايقات والعقبات. وفي حين أن جميع جهات العالم تحيط بعناية الحقوق والحريات المرتبطة طبيعيا بالمواطنة، لا تزالفي بلدنا تشكّل المجال المختار للنفي أو الإنكار.

 

إن اقتناعي الشخصي هو أنه في احترام هذه الحقوق والحريات وترقيتها يكمن، أولا وقبل كل شيء، مستقبل الطمأنينة والتقدم والازدهار الذي يستحقه شعبنا.

 

قياسا على هذه المعايير، فإن اقتراحات التعديل الدستوري تثير، عند التحليل، مشاعر الدهشة والإحباط، سواء من حيث المنهج المتّبع والطريقة المستعملة أو من حيث مضمونها الجوهري. فهي لا تكوّن استجابة للتطلع الديموقراطي الذي تجذّر في مجتمعنا. وهي ليست في منحى بناء دولة قانون، ولا تتكفل بهدف توسيع فضاءات الحقوق والحريات. وفوق كل شيء، فهي تتحاشى أزمة النظام الحقيقية التي يواجهها بلدنا.

 

وعلى قدر ما تكونتشكيلة المواضيع التي تعالجها الاقتراحات محترمة وجديرة بالاهتمام ، فإنها مع ذلك بعيدة على أن تكتسي نفس الأهمية أو نفس درجة الاستعجال الذي تستحقها المعطيات والحقائق المكوّنة لأزمة النظام هذه.

وباختصار، فإن التعديل الدستوري المقترح يحجب هذه الأزمة أكثر مما يعالجها، ويتحاشى اشتراطاتها أكثر ممّا يتكفل بها بكيفية كاملة وتامة، ويتيح لها الاستمرار أكثر مما يقرّب نهايتها.

 

لا يبدو لي أن الوقت هو وقت تجنب طبيعة الأسباب الحقيقية لهذه الأزمة باللجوء إلى حيل دستورية ستكون بدون أثر عليها. ومن الواضح أن ما يواجهه البلد ليس أزمة دستورية بل أزمة النظام السياسي.

 

في يقيني وضميري، لي التأكيد العميق أن تشخيصا خاطئا لا يمكن أن ينتج إلا علاجا خاطئا.

 

 

ففي ظل هذه الظروف، فإن مساهمتي قد ينقصها الصدق والصراحة إذا كانت ستنضوي تحت منظور لا أقاسمه لا في التحليلات ولا في المناهج ولا في الأهداف.

 

إنني إذن، السيد وزير الدولة، على أسف بأن أبلغكم بالاستحالة السياسية التي أنا عليها للإجابة بالموافقة على دعوتكم الكريمة، راجيا أن تتقبلوا أسمى مشاعر تقديري.

 

 

الجزائر في، 19 ماي 2014

 

علي بن فليس

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



مواضيع ذات صلة

التعليقات

أترك تعليقا

شكرا لك تمت إضافة تعليقك بنجاح .
تعليق