الرئيسية ثقافة أفكار

معابر: بقلم حميد عبد القادر

في معوقات الانتقال إلى الديمقراطية


04 جوان 2014 | 14:52:00
shadow


الكاتب : stcloudhamid@yahoo.fr


تحيل تجربة فشل الإخوان المسلمين في مصر، بعد إسقاط الرئيس محمد مرسي من قبل الشارع المصري، إلى أن الديمقراطية نظام يتطلب استقرارا اقتصاديا حتى لا تحدث فوضى واضطرابات في مسارها. كما يتطلب علاقة سوية بين الفرد والمجتمع والدولة، ووجود مواطن يكون أفكارا مستقلة عن الجماعات القائمة على أسس دينية أو طائفية أو غيرها. فالإنسان لا يبحث عن الديمقراطية والليبرالية وحرية التعبير، إلا بعد إشباع حاجاته الأساسية مثل: الأكل والشراب، للحفاظ على الحياة، والتخلص من المخاطر التي تهدده، وإشباع كثير من الحاجات لضمان الاستقرار النفسي، وتوفير المأوى للحماية من قسوة الطبيعة، وكذلك الأمان من المخاطر التي تهدد الحياة، كالعدوان، والأمراض. وعندما تتحقق له هذه الحاجات الأساسية، يفكر حاجات أخرى من درجة مغايرة لتحسين وضعه، مثل التعليم والثقافة والتنمية البشرية. ثم يفكر في  وسائل الرفاهية لإشباع الحاجات الروحية مثل الفنون الجميلة والكماليات المادية. وأخيراً تأتي الديمقراطية والليبرالية وحرية الفرد لإشباع حاجات الإنسان في تأكيد ذاته وإطلاق طاقاته في الإبداع والإنتاج، واستقلال شخصيته وشعوره بأهميته في المجتمع.

ويقول الكاتب العراقي عبد الخالق حسين:" لذلك، نرى أن مطالبة الإنسان بالديمقراطية والليبرالية تأتي بعد تحقيق احتياجاته الأساسية". معتبرا أن الشعوب العربية قد اقتربت من هذه المرحلة، لا لأنها حققت الحدود الدنيا من إشباع الاحتياجات الأساسية فحسب، بل ولتنامي الوعي السياسي والاجتماعي لدى الجيل الجديد وذلك بفضل الثورة المعلوماتية والتقنية المتطورة في المواصلات والاتصالات، حيث الاحتكاك المتزايد بين الشعوب بسبب الهجرات الجماعية والسياحة المليونية والانترنت والفضائيات وغيرها من وسائل الاتصال التي حوَّلت العالم إلى قرية كونية صغيرة، ربطت بين مصالح الشعوب الاقتصادية والثقافية في منظومة العولمة وجعلتها متشابكة لا فكاك بينها، وساعدت في تعجيل تطور الوعي لدى الشباب، خاصة وإن سبعين بالمائة من نفوس المنطقة العربية هم دون 31 سنة من العمر، معظمهم من المتعلمين يعانون من مشاكل مشابهة مثل البطالة والأنظمة المستبدة المتحجرة، وتطلعهم إلى حياة أفضل.

كما أن العلاقة بين الفرد والمجتمع في الوطن العربي مضطربة للغاية. ويعتقد الدكتور ثائر أبو صالح، أن المقصود بهذه العلاقة تطور الأفراد في المجتمع وقابليتهم للقبول بالرأي والرأي الآخر ومدى قدرتهم على قبول الحسم بالطرق الديمقراطية وليس بوسائل قمعية. ويقصد أن هذا متعلق بمتغيرات كثيرة مثل: المستوى التعليمي، الاقتصادي، والعادات والتقاليد الخ.. ويبدأ من مؤسسة الأسرة أي التعامل مع الزوجة والأولاد وصولا إلى أكبر المؤسسات كالبرلمان مثلا. ويتساءل الدكتور ثائر :"بالمقابل هل نحن كأفراد مستعدون أن نمنح ولاءنا بالدرجة الأولى للدولة ومؤسساتها أم لا؟ ولتجسيد الفكرة نقترح أن يسأل كل فرد منا نفسه سؤالا ويحاول أن يجيب عليه بصراحة ولو بينه وبين نفسه ليكتشف بنفسه مدى قابليته ليكون جزءا من مجتمع مدني قادر على التطور: لمن ولاؤه الأول والذي هو مستعد أن يضحي بحياته من أجله؟ هل هو للعائلة أم للقبيلة أم للمذهب أم للدين أم للدولة الوطنية؟ فبناء دولة ديمقراطية يفرض على الفرد أن يقدم ولاءه للدولة على كل ولاء آخر، ولكن هذا لا يعني إلغاء ولاءاته الأخرى وإنما إذا ما تناقض أي ولاء مع الولاء للدولة فعلية تفضيل الدولة." وهذا هو ما يعبر عنه علماء الاجتماع باستعمال تعبير الفرد المواطن. فهذا الأخير هو الذي يضمن استقرارا على المستوى الديمقراطي، لأنه يضمن انفصال الفرد عن المؤسسات الموازية كالجماعات على أسس دينية أو عرقية أو طائفية.

 



مواضيع ذات صلة

التعليقات

أترك تعليقا

شكرا لك تمت إضافة تعليقك بنجاح .
تعليق