الرئيسية ثقافة أفكار

هذا الأسبوع: بقلم عبد الحكيم بلبطي.

لقاء زرالدة، بداية عهد المعارضة


13 جوان 2014 | 14:40
shadow


الكاتب : hakimbelbati@yahoo.fr


ليس من السهل جمع المعارضة في مكان واحد. تجارب التسعينات، التي خاضها جمهوريون و ديمقراطيون، انفلقت حباتها قبل نضح الفكرة، ثمنا لصراعات حول من يتزعم المعارضة، و من يكون الند في حواره مع السلطة.
حقق لقاء زرالدة أكثر من نجاح. كان بمثابة اعلان عن ميلاد، ما يمكن وصفه، المشروع الوطني تكون فيه السلطة طرفا كبقية الأطراف. و كان أكثر من ناجح من حيث رمزيته. جمع بين الخصوم. و قارب بين الأضداد. و بنى جسرا جديدا في العمل السياسي. يربط حركة التواصل وسط المعارضة، من دون النظر الى الهوية السياسية.
فأي مستوى ستدركه هذه التجربة التي نجحت في اجتياز الحواجز ؟
مسئولية الأحزاب في تأطير المجتمع ليست محل نقاش. هي مطالبة بتقديم البدائل. و طبيعة المشاركين في لقاء زرالدة، تضم "النوعية"،التي يمكن للجزائر الاتكال عليها لصياغة المستقبل. يمكن أن نتوقف أمام مشاركة بعضهم في حوار وطني يحمل مثل هذا المشروع، أو التشكيك في نوايا و مواقف أشخاص خذلوا المعارضة عند أول فرصة تلقوا فيها عرضا لركوب قطار الحكم. لكن ذلك لا يصغر في شيء من عمل المجموعة التي كبرت بعملها هذا.
نجحت المعارضة في تخطي عقدة السلطة، و نجحت في تجاوز عقدة احتكار التمثيل. ربما اقتنعت بأن الاصرار على احتكار التمثيل يحقق خدمات للسلطة، و للسلطة فقط.
لم تكن المعارضة تدعي لنفسها تقديم حلا سريع التنفيذ. لم نسمع عنها ذلك. ما قرأناه من مواقف أنها ستعمل على صياغة أفكار، لتدفع بالسلطة الى التغيير اليوم أو غدا. و هذا ما يزعج السلطة. أن تكون مجبرة لتتعامل مع قوة لا تتحكم فيها، و لا تضمن قدرتها علىترويضها، كما جرت العادة مع "شخصيات" تملك من الماضي وظيفة و منصب، حصلت عليها نتيجة تحالفات، و ليس عن جدارة. أو مع أحزاب رضيت بنصيب تمثيل السلطة باسم شعب لا يصوت.
الصدمة الثانية، الموازية زمنيا للقاء زرالدة، هي صفعة نوعية النقاش الرسمي الدائر حول الدستور. فتحت الضغط، اعترفت السلطة بضرورة إعادة تزويق بمساحيق تتجاوب مع موضة مطالب الشباب. فجاءة ورشةلدستور يعد بحريات أكثر، على أن تسحبها بالقوانين العضوية و التنظيمية.
في الحقيقة السلطة لم يعد يزعجها الحديث عن تعديل الدستور. اكتشفت حلاوة استخدام التعديلات. و ضمتها الى قاموسها، لتستخدمها كبقية  المصطلحات التي تكفر بها. و أولها مصطلح التداول الديمقراطي على الحكم.
لا تخاف تعديلا تصنعه هي. و ان تقبل بتعديل الدستور، نجدها ترفض فتح نقاش حول تعديل قانون الانتخابات. فاللعبة، كل اللعبة تكمن في هذه القضية. من يتحكم في الانتخابات، يتحكم في تحريك الصورة و في تغييرها. يصنع برلمانا كما يشاء، يصوت به على ما يشاء، و قت ما شاء. يشكل حكومة كيفما أراد. يغير و يعوض. يكافئ و يقصي. فهذا الجمع هو مجرد صور على قناة، تتم ازاحتهم  بالضغط على  زر في "التيليكوموند".
لهذا السلطة منزعجة من لمة زرالدة. و ما تمثله من تجاوز لمجموعة كبيرة من الحواجز النفسية، كانت تعطل التقاء السياسيين حول بعضهم البعض. فلأول مرة يلتقون بهذا الشكل بالجزائر، و بفكرة محددة و هي "التغيير" جديا.
لم يعد المطلب من الطابوهات. و لا يعد من الموبقات السياسية. يمكن توقع نجاح السلطة في عملية استمالة بعض المعارضة، الضعيفة أمام الإغراءات. و ستكون  انجازاتها تلك، بمثابة عملية تنظيف لبيت المعارضة من الخدم السياسي، اللاهث وراء مصلحة.
انها بداية مسيرة الحركة الوطنية من أجل التداول السلمي الديمقراطي على الحكم. طال انتظارها، لكنها تحققت.  ستكون مرجعية أساسية لكل مشروع وطني يكون أساسه التشاور و الحوار بين جزائريين من دون اقصاء. و ان كان قطاع واسع من الذين قاطعوا الانتخاباتالأخيرة، ينتظرون مبادرات ملموسة في القريب، فان وصول المبادرة الى أهدافها يتطلب نفسا و تصميما، أمام خصم يدعوها الى الحوار، و يضيق عليها خناق الإدارة، عندما تريد عقد لقاء موسع، يضم أكثر من حزب.



مواضيع ذات صلة

التعليقات

أترك تعليقا

شكرا لك تمت إضافة تعليقك بنجاح .
تعليق