الرئيسية حوار وملف موقف وحدث

كلام في المشاورات

شهادة من داخل الرئاسة: بقلم رياض هويلي


18 جوان 2014 | 23:01
shadow

قبل ثلاث سنوات، وبالتحديد في شهر ماي 2011، انطلقت مشاورات سياسية بقصر الرئاسة، قادها رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح إلى جانب الجنرال الموصوف بالمخ، محمد تواتي، والمستشار محمد بوغازي.


الكاتب : صحفي نقابي سابقا


من حظي أنني كنت مكلفا بتغطية تلك المشاورات التي كانت مفتوحة لوسائل الإعلام الخاصة، ومن حظي أيضا أنني شاركت فيها، أي في المشاورات، كصحفي مناضل في الفيدرالية الوطنية للصحفيين المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين إلى جانب زملاء من النقابة الوطنية للصحفيين التي يقودها الصحفي المخضرم كمال عمارني.

كيف يتم اللقاء، وكيف تجري المشاورات؟ وما مصير الاقتراحات بعد المشاورات؟

بادئ ذي بدء، استحضرت هذه اللحظات وأنا أتصفح قائمة المدعوين للمشاورات في نسخة أويحيى، وكيفية صيرورة هذه المشاورات:

-المشهد الأول: الرئاسة أو اللجنة المكلفة بالمشاورات ترسل دعوات لكل ما هو معتمد، من أحزاب أو منظمات أو جمعيات ونقابات، سواء تنشط أو هي مجرد أختام، ما يهم هو أن تكون مسجلة في قوائم الداخلية أو وزارة العمل أو شخصية يتفق على أنها وطنية.

-المشهد الثاني: تتنقل إلى الرئاسة، تجلس في قاعة وسط ترحيب بروتوكولي مميز، على أن يكون موعدك محدّدا سلفا، ينادون عليك، تدخل إلى القاعة، يستقبلك محاورك ومساعدوه، يجلس الجميع حول الطاولة، يبدأ النقاش ببعض الأسئلة على شاكلة: ما هي مشاكل الصحفيين، مثلا، كيف ترون تنظيم القطاع؟ ثم يسألونك إن كان لديك شيء مكتوب تقدمه لهم... وينتهي اللقاء لتفسح المجال لمن هم مبرمجون بعدك..

لما أخبرني زملائي أن الفيدرالية تلقت دعوة، رغم أن نشاطها متوقف منذ أزيد من عامين، تذكرت هذه المشاهد والصورة النهائية التي خرج بها قانون الإعلام. وللشهادة، فقد اقترحنا في الفيدرالية آنذاك، كما هو الحال بالنسبة للزملاء في النقابة الوطنية للصحفيين اقتراحات عملية قابلة للتجسيد وبإمكانها تنظيم فوضى القطاع وحماية حقوق الناشرين والصحفيين، وتكريس تعددية إعلامية في كنف الحرية المنظمة.. لكن، للأسف، عادت إلى ذاكرتي تلك المشاهد... بن صالح يستبدل بأحمد أويحيى، تخصيص ما بين 15 الى 30 دقيقة للمدعو تنتهي بتسليم نسخة مكتوبة من الاقتراحات، وينتهي الأمر. لكن، هذه المرة، في غياب الإعلام الخاص أو المستقل.

نفس المكان، تقريبا، نفس الزمان، مشاورات 2011 في شهر ماي، ومشاورات 2014 في شهر جوان، فقط استبدال بن صالح بأويحيى، أما المدعوون فهم أنفسهم، فقط إضافة بعض رموز الفيس المحل، ومقاطعة أحزاب التنسيقية.. وهنا، يطل علينا سؤال مركزي: ألم تجد السلطة، بجيش من إطاراتها ومستشاريها، من آلية أخرى لإجراء المشاورات؟ هل توقف تفكير السلطة في مستوى لجنة ثلاثية حول طاولة مع مدعوين لمدة ربع ساعة أو نصفها  لمناقشة دستور الجمهورية؟ ألم تعد السلطة قادرة على إنتاج بدائل؟

شخصيا، لديّ قناعة قوية أن حبل تفكير السلطة توقف، توقف في نفس المكان والزمان، توقف بسبب مرض أصابها، اسمه الاستمرارية، البقاء ولا شيء غير البقاء.

أما الأحراب فقد دخلت سن اليأس، ومن يوصفون بالشخصيات الوطنية، فلا هم لهم سوى احتلال جزء من صفحات الجرائد أو ثوان في نشرة من نشرات الأخبار.

أليس ما يجري عبث ومضيعة للوقت، أليس تضييعا لفرصة أخرى كان بالإمكان أن تكون بداية إقلاع الدولة، بداية عهد جديد؟ أليست أزمتنا أزمة أنانية، وشهوة الكرسي؟..مجرد شهادة لواحد ممن شارك مرة ولم يشارك هذه المرة رغم الدعوة.



مواضيع ذات صلة

التعليقات

أترك تعليقا

شكرا لك تمت إضافة تعليقك بنجاح .
تعليق