الرئيسية التعليق 'كي تشبع الكرش.. الراس يحبس'


ببساطة

م. إيوانوغان

'كي تشبع الكرش.. الراس يحبس'


  Ù…. إيوانوغان     mohammediouanoughene@yahoo.fr

مقالات سابقة للكاتب

- الزلزال والبيروقراطية
- بطولة تحكمها القرارات السياسية والدواعي الأمنية... ليست بطولة
- قصة الصحف الخاصة والمطابع العمومية

عندنا مثل، مفاده أن البطن كلما امتلأ أكثر كلما تحرر العقل وتفتح، وبعبارة أدق "كي تشبع الكرش الراس يغني". ورغم كون هذا المثل منتوج جزائري خالص، فالآكلون من كعكة العهدة الرابعة قلبوا القاعدة وأضحوا يفقدون عقلهم كلما امتلأ بطنهم أكثر، وهو ما تعكسه زلة العجوز الفرنسية دوفانتيني مؤخرا ولا أستطيع إعادة نقل زلتها في هذا المقام كي لا أساعدها على ترويج حلمها أو خبايا شعورها من حيث لا أدري.

المناسبة التي أطلقت فيها العجوز الفرنسية زلتها، منظمة تحت الرعاية السامية للسلطات الرسمية الجزائرية، ووفرت طبعا الحماية اللازمة للمنظمين والمدعوين وعلى رأسهم العجوز التي توقف عدادها عند منتصف ليلة 31 أكتوبر 1954، باعتبار الجزائر لم تعد فرنسية بمجرد أن أعلن الشعب الجزائري أخذ مصيره بين يديه.

ولم يكن بوسع أي مواطن جزائري بسيط أن يدخل إلى محيط الحفل وسط الحماية، بدا من الطرق المؤدية إلى القاعة قبل الحضيرة المخصصة لسيارات الحاضرين ... وسط تلك الحماية الموفرة لمن جاؤوا طبعا لتلميع صورة الجزائر التي أفسدناها ربما نحن "الأهالي" حسب عداد السيدة العجوز. وتم اختيار ألمع الوجوه الإعلامية والساحة الفنية الجزائرية لتنشيط الحفل والاستفادة من كعكته، ولو طبقنا أخلاقيات المهنة الإعلامية وحدها على هؤلاء، لطردوا من المهنة إلى الأبد دون أن يسبب ذلك أي حرج للسلطات لأن المبرر مسجل وشاهده العام والخاص، عكس المبرر الذي أقصي بسببه بلخادم من كل نشاط سياسي.

ولو طبق هؤلاء الإعلاميين على ألسنتهم وحركاتهم وتفكيرهم ما يعادل جزء بسيط من الإجراءات الأمنية التي تفرض على المواطنين في مناسبات مثل مناسبتهم المخزية، لعرفوا أن دوفانتيني معروفة عند الفرنسيين بزلاتها. لكن كل ما يأتي من فرنسا عند هؤلاء الإعلاميين والمنظمين، سكر وعسل حتى لو كان مصدره قنوات صرف مياه الفرنسيين. ومن هنا لم ينتبه أحدهم لضرورة احترام القائمة الرسمية لمن تمنح لهم الكلمة ولا للتأكد مما سيقوله من ستمنح له الكلمة خارج هذه القائمة.

وتراخي الآكلين من كعكة الخزينة العمومية، تضاعف أكثر مع الحملة الانتخابية للعهدة الرابعة، حيث لم تعد تهمهم حتى المظاهر والبروتوكولات. كأنهم واثقون من أنهم استولوا على الجزائر نهائيا بعدما فازوا بالعهدة الرابعة وهم غير مطالبين بأي حساب أمام أي كان منذ 17 أفريل الماضي... وربما هم واثقون أيضا أنه باستطاعتهم إطلاق سراح مشاعرهم المختبئة وراء صورة الجزائر المسوقة للخارج.

ف"الكرش كي تشبع" عند أهل العهدة الرابعة، تجعل "الراس يحبس" ولا يغني.