فالطرف الميزابي لحد الآن لم يقتنع بأرضية الاتفاق التي رفعتها السلطة، ويرفض جملة وتفصيلا الحلول المقدمة، وزج بالمدرسة ومستقبل التلاميذ في حسابات سياسية ضيقة، حيث لا تزال 18 مؤسسة تربوية لحد الساعة معرقلة بسبب منع بني ميزاب أبناءهم من التمدرس من قبل أساتذة مالكيين.

ويلقى أحد أعيان بني ميزاب، وممثل الأفافاس في غرداية، حمو مصباح، بالمسؤولية على السلطات، وليس على بني ميزاب، حيث أكد "أن الأساتذة المالكيين يقومون بمعاملة سيئة للتلاميذ الميزابيين، وأن المردود الدراسي للتلاميذ تراجع كثيرا"، وهو ما يكذبه قطعيا ممثلو قطاع التربية، لأن الأستاذ يعامل التلاميذ على قدم المساواة ولا يمكن أن ينزل إلى هذا المستوى من الانحطاط.

وأضافوا في تصريحات متطابقة "أن بني ميزاب يرفضون الجو الدراسي العادي للتلاميذ، كعدم تقبلهم لاختلاط الجنسين في الطاولة وتمسكهم باللباس الميزابي في القسم، حتى في ساعات ممارسة الرياضة البدنية أو الأنشطة الأخرى، وهي نقاط يعتبرها المربون غير مقبولة".

وتقول إحدى مدرسات اللغة الفرنسية من أصل شعانبي، إن جميع الأساتذة يتركون الحرية الكاملة للتلاميذ في الجلوس مع رفاقهم وارتداء اللباس الذي يناسبهم، وهذا تطبيقا للتعليمات التي يتلقونها من الإدارة المحلية لتفادي تأجيج الأوضاع.

 

السير في مجموعات وحالة خوف تميز السكان

من الأمور الأخرى التي وقفنا عليها بولاية غرداية، انتشار حالة خوف وذعر بين بني ميزاب، حيث لا يزالون يسيرون في مجموعات بالشوارع والأحياء المختلطة، وهو ما يعكس حالة الخوف والذعر التي تولدت لدى السكان بعد حوادث الوفاة التي راح ضحيتها ميزابيون منذ اندلاع الأزمة منذ 10 أشهر.

كما أن القطيعة قد وقعت بين السكان الميزابيين والشعانبة، ميزها انقطاع المبادلات والعلاقات بين الطرفين، من خلال مقاطعة العرب جميع سلع الميزابين، حيث فتحت مراكز تجارية ومحلات جديدة بالأحياء من قبل الشعانبة بالأحياء العربية والمختلطة، وتمت مقاطعة جميع السلع الميزابية سيما في الأحياء التي شهدت اشتباكات وتوترات في الفترة الأخيرة.

 

انقسام بين الميزابين بين الدفاع عن المطالب السياسية والعمالة للخارج

ومن خلال التقرب من الطرف الميزابي سجلنا وجود انقسام بينهم، فمنهم من يدافع عن المطالب الاجتماعية للسكان بعيدا عن أي حسابات سياسية ضيقة، كإطارات في خلية التنسيق والمتابعة التي تأسست كطرف مدني للدفاع عن الميزابيين، ومنهم من ينتمي إلى الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان وجبهة القوى الاشتراكية والاتحاد الميزابي للتجار، حيث تتمحور مطالبهم حول توفير الأمن والاستقرار وعدم استفزاز السكان وعدم تعنيفهم أو الاعتداء عليهم، وهو نفس الانشغال الذي سجلناه مع الأمين الفدرالي للأفافاس، حمو مصباح.

أما أطراف أخرى من أعيان ميزاب، فهي أقرب من الشعانبة والسلطة من خلية التنسيق والمتابعة، مثلما هو الأمر بالنسبة لمجلس أعيان بني ميزاب الذي يقوده نائب الأرندي، قارة بكير، رغم أن مواقفه لا تلقى قبولا من بعض الفئات الميزابية.

أما المجموعة الأخرى فهي تنسق مع الخارج ولا تنزعج في رفع ولاء العمالة للمنظمات الأجنبية وتسعى جاهدة لتدويل القضية، ويقف وراء هؤلاء كمال الدين فخار عضو حركة الاستقلال الذاتي الذي يحرك الخيوط من الخارج، وكان وراء إيفاد منظمات أجنبية للمنطقة من أجل تعفين الأمور، علما أن هذا الطرف يلقى ترحيبا من بعض الشباب المندفع وهو يمثل أقلية بين بني ميزاب.

وإلى غاية كتابة هذه الأسطر لا تزال حالة الانسداد تطبع الولاية رغم مساعي بعض الأطراف في السلطة للحفاظ على الوحدة الترابية للوطن بعيدا عن أي سيناريو تقسيم أو تهويل.