الرئيسية سياسة أحزاب

بتنصيب هيئة التشاور والمتابعة

المعارضة تحقق الأسبقية على السلطة لأول مرة


11 سبتمبر 2014 | 13:45
shadow

تضم هيئة التشاور والمتابعة التي انبثقت عن اجتماع تنسيقية الانتقال الديمقراطي أمس، أسماء سيصعب على السلطة القائمة حاليا إيجاد مبررات لتجاهل هذه المبادرة في المستقبل والاستمرار في الانفراد بالقرار.


الكاتب : محمد إيوانوغان


الهيئة تضم الديبلوماسي عبد العزيز رحابي ورئيس غرفة برلمانية سابقا ممثل في شخص كريم يونس وثلاثة رؤساء حكومات سابقين، هم مقداد سيفي وعلي بن فليس وأحمد بن بيتور، زيادة لمولود حمروش وسيد أحمد غزالي اللذين أكدا عضويتهما لأعضاء التنسيقية رغم غيابهما عن لقاء أمس. كما تضم وزير الفلاحة سابقا نور الدين بحبوح والضابط السامي المتقاعد أحمد عظيمي... وكل هذه الأسماء كفيلة بإسقاط حاجز الخوف من المعارضة عند الكثير من دوائر صنع القرار في بلادنا، وبشكل خاص المؤسسة العسكرية التي تشعر أكثر فأكثر بالضغط الخارجي الممارس عليها.

لا ندري مدى التحول الذي حصل داخل دوائر صنع القرار في بلادنا وإلى أي مدى اصبح المال متحكم فيها، مثلما يتردد على لسان جل أبناء النظام المتواجدين حاليا في صف المعارضة. لكن المؤكد أن الوجوه الممثلة للسلطة في الواجهة، وعلى رأسها القاضي الأول في البلاد، الحاضر الغائب عن الأحداث، ووزيره الأول عبد المالك سلال ومدير ديوانه أحمد أويحيى وقائد أركانه قايد صالح... لا يملكون الوزن المعنوي الكافي لمنافسة زملائهم السابقين في أجهزة الدولة المدعومين بوجوه إرتبطت أسماؤها بالمعارضة السياسية في البلاد.

فوجود حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية بجانب قياديي الفيس المحظور، يجعلنا أمام مبادرة سانت إيجيديو ثانية، مع إختلاف كبير، يكمن في إجتماع كل هذه الأطياف السياسية داخل الجزائر وليس خارجها، ما سهل على السلطة سابقا مهمة التصدي لحلفاء عقد روما. والاختلاف الثاني أن حلفاء سانت إيجيديو فشلوا في إبعاد شبهة منح الغطاء السياسي للإرهاب آنذاك، ما جعل الرأي العام الوطني لا يستجيب بقوة للمبادرة، بينما تبخر الدعم الخارجي الذي كانت تحضى به بمجرد أن تغيرت نظرة أوربا والولايات المتحدة للإرهاب أيضا. أما التحالف الجديد للمعارضة، فجاء بعد أكثر من عشر سنوات من تطبيق سياسة المصالحة الوطنية، التي سمحت للإسلاميين بالمشاركة في الحكومة وسمحت حتى لمن حملوا السلاح ضد الجيش ومصالح الأمن والمواطنين بدخول مقر رئاسة الجمهورية من موقع شخصيات وطنية... ما يعني أن مبرر منح الغطاء السياسي للإرهاب قد سقط ومبرر الإقصاء السياسي بتهمة الإرهاب أيضا سقط.

نظريا، إذن هيئة التشاور والمتابعة التي تم تنصيبها في مقر الأرسيدي أمس، لها أسبقية مريحة على السلطة القائمة في السباق من أجل التغيير (بالنسبة للأولى) أو البقاء (بالنسبة الثانية). فالمعركة الآن ميدانية والفاصل فيها سيكون طبعا المال والمصالح، كون المواطن الجزائري لم يعد مستعدا لخوض معارك سياسية يدفع ثمنها بالأرواح والمتاعب الاجتماعية، والشركاء الأجانب لا يدعمون أي تغيير سياسي أو ديمقراطي ضد مصالحهم القائمة مع من يحكم البلاد في الوقت الراهن. أما جماعات المصالح التي ترتكز عليها السلطة الآن، فتحكمها قاعدة عدم التنازل على ما هو مكتسب في سبيل مستقبل مجهول. فالصراع بين هذه الجماعات لا ينتهي من أجل ربح مواقع أكثر وإمتيازات أكبر... لكنها تعود إلى التماسك والتضامن بمجرد أن تكون مصالح الجميع مهددة.

وبما أن السلطة نفسها مقتنعة بضرورة التغيير وجربت العديد من مخططات التغيير أو الإصلاح، فهي لا تملك القدرة على رفض محاورة الهيئة الجديدة المنبثقة عن المعارضة إلا إذا فشلت هذه الأخيرة في توظيف أسبقيتها أو نقاط قوتها.



مواضيع ذات صلة

التعليقات

أترك تعليقا

شكرا لك تمت إضافة تعليقك بنجاح .
تعليق