الرئيسية التعليق الشخصية الوطنية .....لا تعين بمرسوم


فصل الكلام

علي جري

الشخصية الوطنية .....لا تعين بمرسوم


  علي جري     adjerri@hotmail.com

مقالات سابقة للكاتب

- مسودة تعديل الدستور.. حضرت السلطة وغاب الشعب
- التقسيم الإداري وتوزيع الثروة
- ' زمار الحي لا يطرب '

وجهت السلطة الدعوة لجميع الأحزاب السياسية للمشاركة في مشاورات إثراء مسودة الدستور المقترحة ، هناك من قبل الدعوة ، وهناك من رفض ولكل حساباته ومبرراته . وبغض النظر عن درجة تمثيل هذه الأحزاب في المجتمع يمكن أن نعتبر العملية سليمة من حيث الشكل لا المضمون على اعتبار أن هذه الأحزاب تشكل المشهد السياسي الحالي في الجزائر بما له وما عليه أو كما يقول المثل الشعبي " هذا ما حلبت " .

لكن الأمر يختلف تماما عندما يتعلق الأمر بجمعيات المجتمع المدني والنقابات والجمعيات المهنية ، هنا يطرح السؤال عن المعايير والمقاييس التي اعتمدتها السلطة في توجيه الدعوة للبعض منها ، وإسقاط البعض الآخر .

هناك جمعيات وجهت لها الدعوة لا توجد إلا من خلال ورقة اعتمادها من قبل وزارة الداخلية ، وجمعيات اختفت عن الساحة منذ أمد بعيد رغم ذلك استدعيت للمشاركة في المشاورات ، في حين أقصيت جمعيات أخرى أكثر تمثيل وتواجد في المجتمع .... والحديث قياس ، نفس الملاحظة يمكن أن نبديها حول الجامعيين والأكاديميين الذين وقع عليهم الاختيار حيث اكتفت السلطة بالقول أن الذين وجهت لهم الدعوة هم من أهل الاختصاص بدرجة بروفيسور وهي محاولة لتبرير ما أقدمت عليه ولم تعط السلطة تفاصيل أكثر لا عن العدد ولا عن مقاييس ومعايير الاختيار، دون الحديث على خلفيات أخرى تصب في مجملها في الشق السياسي للعملية ... والحديث قياس .

أما عن الشخصيات الوطنية فحدث ولا حرج ، فالسؤال الذي يفرض نفسه من هي الشخصيات الوطنية ؟ وكيف يمكن لشخص ما أن يرتقي لمصف الشخصيات الوطنية التي تصبح ملكا للأمة برمتها أي فوق السلطة والأحزاب السياسية ؟

الأكيد أن الشخصية الوطنية ليس التي تعين بمرسوم رئاسي لتولي مسؤولية ما في الدولة لأن في هذه الحالة يعتبر الشخص اطار سامي في الدولة لا أكثر ولا أقل ، والأكيد أيضا أن الشخصية الوطنية ليست الوزير، ولا حتى رئيس الحكومة ، ولا الجنرال ، ولا حتى قائد الأركان ، كما أن الشخصية الوطنية لا علاقة لها بمستوى الثروة .... ولا بالمنصب . إذن من هي الشخصية الوطنية ؟ وما هي المقاييس والمعايير التي اعتمدتها السلطة مرة أخرى في اختيارها لهؤلاء ؟ الملاحظ أن القائمة التي اعتمدتها السلطة في مشاوراتها لم تخرج عن نطاق المسؤولين الذين تقلدوا مناصب في الدولة ، فضلا عن بعض قيادات الحزب المحل التي رقيت بدورها من قبل السلطة الى مستوى شخصيات وطنية ، في حين أبعدت أسماء تتوفر على كل المعايير والمقاييس .

في الأخير نقول أن هناك شخصيات سياسية ، وشخصيات تاريخية ، وعلمية ، ورياضية ، وشخصيات ثقافية وإعلامية ...... هناك شخصيات في مختلف المجالات ، لكن أن يرتق الشخص الى مصف الشخصية الوطنية فهذا لا يمكن أن يحدث بمرسوم ولا يخضع للأهواء ولا للحسابات السياسية . في بلدان وضعت آليات لبلوغ هذا المقام ، يقترح الشخص من قبل مجموعة من نواب الشعب ، وتفتح المناقشة ثم تتم عملية التصويت بالأغلبية قبل أن يعين الشخص بصفة رسمية شخصية وطنية مدى الحياة .

     Â