الرئيسية التعليق رجال والأعمال الوسخة


في كلمات

عبد الحكيم بلبطي

رجال والأعمال الوسخة


  عبد الحكيم بلبطي     hakimbelbati@yahoo.fr

مقالات سابقة للكاتب

- فتنة غرداية، هي التحذير من الانزلاق
- الجيش في غرداية، هل هي البداية؟
- تطهير الإعلام من خصوم العهدة الرابعة

أسرعت الحكومة الجزائرية في تبني استغلال الغاز الصخري. في وقت تستعد لإدارة نقاش، تدعي أن الهدف منه، هو صياغة مشروع توافقي، مجسد في الدستور.

السرعة لها مبتغاها. فالرئيس بوتفليقة عندما يسرع ويبعث برسالة تهنئه إلى رئيس مصر، قبل الإعلان الرسمي عن النتائج، يريد تمرير رسالة، غير التهنئة فقط. وقد تحمل عدة معان، كالتآزر، أو التعاضد بين تجربتين انتخابيتين متقاربتين.

فهل السرعة في تمرير تسهيلات العمل لاستخراج الغاز الصخري، هي ترتيبات تتجاوب لدواع وحاجيات شركات الطاقة الكبرى في العالم، وفي نفس الوقت تستبق تزايد قوة جبهة داخلية ضد تقنية مرفوضة في عدد من دول تنتمي إليها تلك الشركات؟

ليس فقط التقنية هي التي تثير القلق، بل أيضا هرولة السياسي في تمرير ملف على طريقة من يدرك المخاطر، والمتخوف من ردود الفعل الرافضة. ومع ذلك، يمكن متابعة النقاش العالمي حول مخاطر استغلال هذه الطاقة، عبر الشبكات الاجتماعية، وسيكون سهلا اكتشاف أن حكومات أوروبا هي ضد استخراج هذه "الثروة"، وتفضل شراءها "نقية" من دول الجنوب.

ليس فقط التقنية هي التي تثير القلق. بل تلك الرغبة في تمرير الأمر، واقترانه مع فتح ورشة دستورية، تعتمد حسب الدعاية الرسمية، على المشاركة العددية، لعناوين لا تقدر مجتمعة على لم ربع عدد الناخبين. فالمدبر، صاحب فكرة فتح النقاش الدستوري بعناوين ضخمة وكبيرة، يسعى على ما يبدو إلى توفير أجواء لتمرير أكثر من قرار. وفي الوقت الذي سيلبس بدلة النظام المتفتح على المجتمع، المنشغل بالبحث في مشاريع المستقبل، نجده يحاور الغرب في الحين، والآن وفي الحاضر، عبر اتخاذ قرار بفتح أبواب الاستثمار في طاقة غير نظيفة، ستكلف خزائن المياه.

اختارت السياسة الاستثمار في الصخر قبل العقول. وفضلت الغاز على الماء.

ما يقلق هو التقليد. نحاكي بما لا نملك. نقلد بالدستور وبالقوانين وبالمؤسسات.. نحاكي بهياكل. نشبه أنفسنا بغيرنا، ونتشبه به.

الحوار الذي تريده السلطة لا مكان فيه للرأي الآخر. وهي بشكلها المعدل، بعد صعود نجم رجال في "الأعمال"، وتزايد نفوذ وسطوة "بزانسية" في عملية صنع القرار، دشنت عهدا جديدا سيكون فيه للفساد صيت، ولرجال "الأعمال الوسخة" المزيد من الحظ في النفوذ والوجاهة.

نعيش زمنا استثنائيا لمنظومة رتبت الحياة على إيقاعات تتقاسم الشبه مع الثقافة المتشبعة بالديمقراطية وبالحوار والمشاركة. نعيش زمن منظومة تحاور لتغلق النقاش. وتقوم بصياغة وعودها للمستقبل القريب، لكنه لا يصل، أو لا نصله. منظومة تستخدم الانتخابات كأداة تسيير أزمة بأزمة أخرى. ولا تراها مفتاح حل لأزمة وطنية. دستورها غير مكتوب. لكنها بين الحين والحين، "تكتب" ما تلهي به الباحثين في فن التعليل، والمختصين في علوم التبرير، عبر تطويع القانون الدستوري.

لقد تم استهلاك كل أنواع الانتخابات والاستفتاء. تمت صياغة كتب دستورية، تضمنت عبارات الانتماء إلى بيان أول نوفمبر.. كانت كلمات من غير روح، ولا رابط يمنحها قوة التعبير.

كنا نعيش لهذا الزمن.. عشنا لزمن الأعمال القذرة..

hakimbelbati@yahoo.fr