الرئيسية التعليق الانتقال الديمقراطي والانتقال التاريخي


ببساطة

م. إيوانوغان

الانتقال الديمقراطي والانتقال التاريخي


  Ù…. إيوانوغان     mohammediouanoughene@yahoo.fr

مقالات سابقة للكاتب

- صديقي النيجري
- تيقنتورين، إيبوسي، هيرفي غوردال
- وداعا ندير

الانتقال الديمقراطي في الجزائر مؤجل إلى حين، وفضلنا إجراء إنتقال تاريخي. كنا نتمنى أن تبقى جبهة التحرير الوطني إرثا مشتركا للشعب الجزائري ومرجعية لا رجعة فيها لمؤسسات الدولة وسياساتها في مجالات الحياة. لكن مسودة الدستور القادم تفضل أن تجعل جبهة التحرير حزبا تحتكره مجموعة من الأشخاص لا نعرف لهم علاقة بالثورة التحريرية، وما على باقي الجزائريين إلا البحث عن مرجعيات أخرى ولا شيئ يمنع في مسودة هذا الدستور أن يتبنى جزائريون مرجعيات مناقضة لمرجعية الثورة التحريرية.

وكنا نتمنى أن تأتي الصداقة الجزائرية الفرنسية تتويجا لتجريم الاستعمار أو على الأقل لإعتراف فرنسي بمسؤولية النظام الاستعماري على كل الجراح التي تسببت فيها حرب التحرير، حتى يتوقف مسلسل وضع الجلاد والضحية في سلة واحدة والحديث عن جبهة التحرير كمنظمة إرهابية من طرف قطاع من الطبقة السياسية الفرنسية...

لكن الذي حدث أن السلطات الجزائرية قررت المشاركة بضباط من الجيش الشعبي الوطني في إحتفالات الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى دون أي مقابل. فإنتقلنا من المطالبة بالاعتذار إلى الصفح دون أن يطلب منا ذلك، ونخشى أن يكون اليوم الذي نمنع فيه أو نستحي من الحديث عن تاريخنا الثوري قريبا منا.

أقول أخشى أن يكون هذا اليوم قريبا منا، لأنني تذكرت تلك الجلسة التي جمعتني رفقة مجموعة من زملائي الصحفيين مع فريق من المنتخبين والديبلوماسيين الفرنسيين الذين إستضافونا هناك في فرنسا وإنشغالهم الوحيد هو لماذا يطالب النواب الجزائريون بتجريم الاستعمار. والمحير أن الجدل إشتد أكثر بين الجزائريين وذوي الأصول الجزائرية، كان القضية لم تعد تعني ما حدث بيننا وبين الاستعمار والجيش الفرنسي، بل هي قضية جزائرية- جزائرية، بين من حافظوا أو بنوا حياتهم مع فرنسا بعد الاستقلال ومن صدقوا أنهم إستعادوا سيادتهم على بلادهم والحقيقة غير ذلك أو هي حقيقة نسبية في أحسن الأحوال.

وعندما إشتد الجدل في تلك الجلسة ومحاولات أحد زملائي لشرح الموقف الجزائري من قضية تجريم الاستعمار، قطعت حديث زميلي وقلت لمستضيفينا أن الحكومة الجزائرية ليست الشجاعة التي تجعلها تجرم الاستعمار، و النواب ليسوا مستقلين في مواقفهم وقراراتهم. أما بالنسبة للشعب الجزائري فالاستعمار مجرم وإنتهت القصة...

هناك إذن واقع جديد سنتعامل معه بعد الذك وبعد ذكرى الحرب العالمية والتعديل الدستوري القادم. واقع بعيد عن مفهوم الجمهورية الجديدة الذي نتنمناه والذي يعني دولة حقوق وحريات ودولة قانون وليست دولة أشخاص ودولة كفاءات وليست دولة كان أبي وجدي... الواقع الجديد بجمهورية جديدة تتنكر لتاريخها ولا تغير من أساليب حكمها المهترئة.

Â